كتاب عليّ وإملاء رسول الله :
إنّ السؤال الأوّل يرجع إلى كتاب عليّ وماهيّته؟ وهل هو أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآله التي دوّنها الإمام دون غيره؟ وإليك التفصيل :
كانت لمدرسة أئمة أهل البيت عناية خاصة بضبط وتدوين كلّ ما أُثِر عن النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله من قول وفعل ؛ لأنّه صلىاللهعليهوآله لا يصدر في مجال التشريع والتعليم إلّا عن الوحي قال سبحانه : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (١) وكان صلىاللهعليهوآله على علم قاطع بأنّه سوف ينتقل إلى بارئه ، وأنّ الأُمّة الإسلامية سوف تحتاج إلى كلماته وأقواله ، وأفعاله وأعماله ولا تبقى خالدة إلّا بالضبط والتدوين.
إنّ الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام كان وليدَ البيت النبويّ وكان مع الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله منذ نعومة أظفاره إلى رحيل رسول الله عن الدنيا ، وهو عليهالسلام يصف حياته في صباه وما بعده ويقول : «ولقد كنتُ أتّبعُه (يعني : رسول الله) اتِّباع الفصيل أثر أُمّه ، يرفعُ لي في كلّ يومٍ من أخلاقه علماً ، ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كلّ سنة بِحِراءَ فأراه ولا يراه غيري. ولم يجتمع بيت واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول الله صلىاللهعليهوآله وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة ، وأشمّ ريح النبوّة» (٢).
كان ربيبة عليّ عليهالسلام يلازمه ليلاً ونهاراً ، سفراً وحضراً ، في موطِنه ومهجَره ، لم يفارقه في غزوة إلّا غزوة تبوك ، وقد أقامه رسول الله مقامه في المدينة ليكون عيناً للمسلمين على المنافقين ، وصاعقة على المتمرّدين إذا حاولوا المؤامرة ، أو إيذاء من بقي من المسلمين من الشيوخ والأطفال ، إلى أن دخل العام الحادي عشر للهجرة وقد قرب أجله وارتحاله صلىاللهعليهوآله ومرض وكان عليّ هو الممرّض له ، وقُبض ورأسه
__________________
(١) النجم : ٣ ـ ٤.
(٢) الشريف الرضي ، نهج البلاغة ، الخطبة : ١٩٢.