أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) (١) وقد فرّع الفقهاء على هذا الأصل شرطاً في صحّة عقد البيع أو المعاملة فقالوا : يشترط في صحّة المعاملة وجود فائدة مشروعة ، وإلّا فلا تصحّ المعاملة ومن هنا حرّموا بيع «الدم» وشراءه.
إلّا أنّ تحريم بيع الدم أو شراءه ليس حكماً ثابتاً في الإسلام بل الحكم الثابت هو حرمة أكل المال بالباطل ، وكانت حرمة الدم في الزمان السابق صورة إجرائية لما أفادته الآية من حرمة أكل المال بالباطل ومصداقاً لها في ذلك الزمان ، فالحكم يدور مدار وجود الفائدة (التي تخرج المعاملة عن أن تكون أكلاً للمال بالباطل) وعدم تحقّق الفائدة ، فلو ترتّبت فائدة معقولة على بيع الدم أو شرائه فسوف يتبدّل حكم الحرمة إلى الحلّيّة ، والحكم الثابت هنا هو قوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ).
وفي هذا المضمار ورد أنّ عليّاً عليهالسلام سئل عن قول الرسول صلىاللهعليهوآله : «غيّروا الشيب ولا تشبّهوا باليهود؟» فقال : عليهالسلام : «إنّما قال صلىاللهعليهوآله ذلك والدِّينُ قَلّ ، فأمّا الآن فقد اتّسع نطاقه ، وضرب بِجِرانِهِ (٢) فالمرء وما اختار» (٣).
__________________
(١) البقرة : ١٨٨.
(٢) الجِران : باطن العُنُق ، وقيل : مقدّم العنق من مذبح البعير إلى منحره ، فإذا بَرَك البعير ومدّ عنقه على الأرض قيل : جرانه بالأرض (لسان العرب : مادّة جرن).
(٣) نهج البلاغة ، الحكمة رقم : ١٦.