الأعداء ، وإعداد جيش عارم جرّار تجاه الأعداء كما يقول سبحانه : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) (١) فهذا هو الأصل الثابت في الإسلام الذي يؤيّده العقل والفطرة أمّا كيفية الدفاع وتكتيكه ونوع السلاح ، أو لزوم الخدمة العسكرية وعدمه ، فكلّها موكولة إلى مقتضيات الزمان ، تتغيّر بتغيّره ، ولكن في إطار القوانين العامة فليس هناك في الإسلام أصل ثابت ، حتّى مسألة لزوم التجنيد العمومي ، الذي أصبح من الأُمور الأصلية في غالب البلاد.
وما نرى في الكتب الفقهية من تبويب باب ، أو وضع كتاب خاص ، لأحكام السبق والرماية ، وغيرها من أنواع الفروسية التي كانت متعارفة في الأزمنة الغابرة ونقل أحاديث في ذلك الباب عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله وأئمة الإسلام ، فليست أحكامها أصلية ثابتة في الإسلام ، دعا إليها الشارع بصورة أساسية ثابتة ، بل كانت هي نوع تطبيق لذلك الحكم ، والغرض منه تحصيل القوة الكافية ، تجاهَ العدو في تلكم العصور ، وأمّا الأحكام التي ينبغي أنْ تطبّق في العصر الحاضر فإنّه تفرضها مقتضيات العصر نفسه.
فعلى الحاكم الإسلامي تقوية جيشه وقواته المسلّحة بالطرق التي يقدر معها على صيانة الإسلام ومعتنقيه عن الخطر ، ويصدّ كلّ مؤامرة عليه من جانب الأعداء حسب إمكانيات الوقت.
والمقنِّن الذي يتوخّى ثباتَ قانونه ودوامه وسيادة نظامه الذي جاء به ، لا يجب عليه التعرّض إلى تفاصيل الأُمور وجزئيّاتها ، بل الذي يجب عليه هو وضع الكليات والأُصول ليساير قانونه جميعَ الأزمنة بأشكالها وصورها المختلفة ، ولو سلك غير هذا السبيل لصار حظّه من البقاء قليلاً جداً.
__________________
(١) الأنفال : ٦٠.