معرضاً عنه ، ولذلك صارت أدلّة الفقه الإسلامي متوسّعة كافلة لاستنباط الأحكام ، وبذلك أغنوا الأُمة الإسلامية عن مقاييس ظنّية كالقياس والاستقراء ، وما لا دليل عليه من الكتاب والسنّة على وجه القطع واليقين.
إنّ الاكتفاء بما ورد عن النبيّ عن طريق الصحابة وعدم الرجوع إلى ما رواه أئمة أهل البيت عن جدّهم متسلسلاً كابر عن كابر لخسارة عظمى ، فعلى المشغوف بتجديد حياة الإسلام وإغنائه عن أيّ تشريع غربيّ وشرقيّ وتجسيد الخاتمية في مجال التشريع أن يجتاز الحدود التي ضربها الأُمويون ومَن لفّ لفّهم بين الناس وأئمة أهل البيت عليهمالسلام فعند ذلك ستنفتح آفاق من حديث الرسول ممّا يحتار اللبّ به ، ويثير الحسرة لما فات الأُمّة من التنوّر بنورهم في القرون الماضية.
د ـ تشريع الاجتهاد وعدم غلق بابه :
وممّا أضفى على التشريع الإسلامي خلوداً وغضاضة وشمولية وإغناءً عن موائد الأجانب ، فتح باب الاجتهاد فيما تحتاج إليه الأُمّة في حياتها الفردية والاجتماعية ، ومن أقفله في الأدوار السابقة قطع الأُمّة الإسلامية عن مواكبة التطوّر والحضارة ، ومِن ثَمَّ جعل التشريع الإسلامي ناقصاً غير كامل لما تحتاج إليه الامّة ، وأمّا لزوم فتحه فهو أنّ الأُمّة الإسلامية في زمن تتوالى فيه الاختراعات والصناعات ، وتتجدّد الأحداث التي لم يكن لها مثيل في عصر النبيّ ولا بعده ، فهم أمام أحد أُمور :
١ ـ بذل الوسع في استنباط أحكام الموضوعات الحديثة من الأُصول والقواعد الإسلامية.
٢ ـ اتّباع المبادئ الغربية من غير نظر إلى مقاصد الشريعة.
٣ ـ الوقوف من غير إعطاء حكم.
ومن المعلوم بطلان الثاني والثالث فيتعيّن الأوّل.