مقدّمة الناشر
لا يأتي المرء بجديد إذا ذهب إلى القول بأنّ الحقبة الزمنيّة التي شهدت البعثة المباركة لخاتم الأنبياء محمد صلىاللهعليهوآله وسنوات عمره المعطاءة القصيرة كانت تؤلّف بحدّ ذاتها انعطافاً رهيباً وتحوّلاً كبيراً في حياة البشرية ، في وقت شهد فيه الخطّ البياني الدالّ على مدى الابتعاد المتسارع عن المنهج السماوي وشرائعه المقدّسة انحداراً عميقاً وتردّياً ملحوظاً أصبح من العسير على أحد تحديد مدى انتهائه وحدود أبعاده.
بلى ، إنّ مجرّد الاستقراء المتعجّل لأبعاد التحوّل الفكري والعقائدي في حياة البشرية عقيب قيام هذه الدعوة السماوية في أرض الجزيرة ـ المسترخية على رمال الوهم والخداع وسيل الدم المتدافع ـ يكشف وبلا تطرّف ومحاباة عظم ذلك التأثير الإيجابي الذي يمكن تحديد مساره من خلال رؤية التحوّل المعاكس في كيفيّة التعامل اليومي مع أحداث الحياة وتطوّراتها ، وبالتالي في فهم الصورة الحقيقية لغاية خلق الإنسان ودوره في بناء الحياة.
كما أنّ هذه الحقائق المجسّدة تكشف بالتالي عن عظم الجهد الذي بذله صاحب