للحجّ وإحرام للعمرة ، غير أنّ الإحرام في الأوّل يقترن بسوق الهدي دون الثاني ، وعلى ذلك لا يجوز عندهم الإتيان بالحجّ والعمرة بإحرام واحد ، ولا إدخال إحرام الحجّ في إحرام العمرة ، كما في القران الحكمي (١).
والأصل حجّ التمتع ، كما في قوله سبحانه : (فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢).
وتفسير الآية : أنّ من (تَمَتَّعَ) بسبب الإتيان (بِالْعُمْرَةِ) بما يحرم على المحرم ، كالطيب والمخيط والنساء ومتوجّهاً (إِلَى الْحَجِ) (ف) عليه (ما) (اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) من البدنة أو البقرة أو الشاة. ثمّ بيّن كيفية الصيام وقال : (ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ) متواليات و (سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) إلى أوطانكم (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) و (ذلِكَ) أي التمتّع بالعمرة إلى الحجّ فرض على من (لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ) باعتبار موطنه ومسكنه (حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أي لم يكن من أهل مكّة وقراها (وَاتَّقُوا اللهَ) فيما أُمرتم به ونهيتم عنه في أمر الحجّ (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ).
والآية صريحة في جواز التمتّع بمحظورات الإحرام بعد الإتيان بأعمال العمرة ، وقبل التوجّه إلى الحجّ ، ولم يدّع أحد كونها منسوخة بآية ، أو قول أو فعل ، بل أكّد النبيّ الأكرم تشريعه بعمله.
روى أهل السير والتاريخ : أنّ رسول الله خرج في العام العاشر من الهجرة إلى الحجّ لخمس ليال بقين من ذي القعدة ، وقالت عائشة : لا يُذكَر ولا يَذكُر النّاسُ إلّا
__________________
(١) لاحظ المختصر النافع للمحقّق الحلّي : ٧٨ ؛ الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٢ : ٣٩١ ، المغني لابن قدامة ٣ : ٢٣٣ ، الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري ٢ : ٦٨٤ وغيرها.
(٢) البقرة : ١٩٦.