فقد روى مسلم في صحيحه : عن ابن أبي نضرة قال : كان ابن عبّاس يأمر بالمتعة ، وكان ابن الزبير ينهى عنها ، فذكر ذلك لجابر ، فقال : على يدي دار الحديث : تمتّعنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله فلمّا قام عمر قال : إنّ الله كان يحلّ لرسوله ما شاء بما شاء ، فأتمّوا الحجّ والعمرة وأبتّوا نكاح هذه النساء ، فلئِن أُوتي برجل نكح امرأة إلى أجل إلّا رجمته بالحجارة (١).
وروى الإمام أحمد في مسنده عن أبي نضرة قال : قلت لجابر : إنّ ابن الزبير ينهى عن المتعة ، وانّ ابن عبّاس يأمر بها ، فقال لي : على يدي جرى الحديث : تمتّعنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ومع أبي بكر ، فلمّا ولي عمر خطب الناس فقال : إنّ القرآن هو القرآن ، وإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله هو الرسول ، وإنّهما متعتان كانتا عَلى عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله إحداهما متعة الحج والأُخرى متعة النساء (٢).
وهذه المأثورات تعرب جملة من الملاحظات نجملها بملاحظتين اثنتين :
أوّلاً : أنّ المتعة كانت باقية على الحلّ إلى عهد الخليفة عمر بن الخطاب ، وبقيت لوقت في أيامه حتى نهى عنها ومنع.
وثانياً : أنّه باجتهاده قام بتحريم ما أحلّه الكتاب والسنّة ، ومن المعلوم أنّ اجتهاده ـ لو صحّت تسميته بالاجتهاد ـ حجّة على نفسه لا على غيره.
وفي الختام نقول :
إنّ الجهل بفقه الشيعة أدّى بكثير من الكتّاب إلى التقوّل على الشيعة ، وخصوصاً في مسألة المتعة التي نحن في صدد الحديث عنها ، بجملة منكرة من الآراء والأحكام تدلّ على جهل مطبق أو خبث سريرة لا يدمغ ، ومن هذه الأقوال : إنّ من أحكام المتعة عند الشيعة أنّه لا نصيب للولد من ميراث أبيه ، وأنّ
__________________
(١) مسلم : الصحيح ٤ : ١٣٠ ، باب نكاح المتعة الحديث ٨ ، طبع محمد علي صبيح.
(٢) أحمد ، المسند ١ : ٥٢.