النطفة والمرور بمراحل التكوّن البشري من جديد ليصير إنساناً مرّة أُخرى ، وأين هذا من الرجعة وعود الروح إلى البدن الكامل من جميع الجهات من دون أن يكون فيها رجوع من القوّة إلى الفعلية ، أو دخول روح في بدن آخر ، إنساناً كان أو حيواناً؟!
اتّفقت الشيعة على بطلان التناسخ وامتناعه ، وقد كتبوا فيه مقالات ورسائل يقف عليها من كان له إلمام بكتبهم وعقائدهم ، وقد ذكروا أنّ للتناسخ أنواعاً وأقساماً ، غير أنّ الرجوع إلى الدنيا من خلال دخول الروح إلى البدن الذي فارقه عند الموت لا يعدّ تناسخاً ، وإنّما هو إحياء للموتى ، الذي كان معجزة من معاجز المسيح.
كلّ ذلك يدلّ على أنّه ليس أمام القول بالرجعة عراقيل وموانع ، وإنّما هو أمر ممكن لو دلّ عليه الدليل القطعي نأخذ به وإلّا فنتركه في سنبله ، والحال أنّ بعض الآيات والروايات تدلّ على أنّه سيتحقّق الرجوع إلى هذه الدنيا قبل يوم القيامة لبعض الناس على وجه الإجمال ، وأمّا من هم؟ وفي أيّ وقت يرجعون؟ ولأيّ غرض يعودون إلى الدنيا؟ فليس هنا مقام بيانها ، إنّما نكتفي ببيان بعض الآيات الدالّة على وقوعه قبل البعث ، وإليك الآيات.
قال سبحانه : (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ* وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ) (١).
لا يشكّ من أمعن النظر في سياق الآيات وما ذكره المفسّرون حولها ، في أنّ الآية الأُولى تتعلّق بالحوادث التي تقع قبل يوم القيامة ، وعليه تكون الآية الثانية
__________________
(١) النمل : ٨٢ ـ ٨٣.