٥ ـ روى عمرو بن الحمق ، قال : دخلت على أمير المؤمنين عليهالسلام حين ضرب على قرنه ، فقال لي : «يا عمرو إنّي مفارقكم ، ثمّ قال : سنة سبعين فيها بلاء» ـ قالها ثلاثاً ـ فقلت : فهل بعد البلاء رخاء؟ فلم يجبني وأُغمي عليه ، فبكت أُمّ كلثوم فأفاق ... فقلت : بأبي أنت وأُمّي قلتَ : إلى السبعين بلاء ، فهل بعد السبعين رخاء؟ قال : «نعم يا عمرو إنّ بعد البلاء رخاء و (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ») (١).
هذه جملة ما ورد في البداء في مقام الإثبات ، وإن شئت قلت في ثمرات البداء في الثبوت ، ولا تجد في الأحاديث الشيعية بداء غير ما ذكرنا ، ولو عثر المتتبّع على مورد ، فهو نظير ما سبق من الموارد ، والتحليل في الجميع واحد.
إذا وقفت على ذلك تدرك بوضوح ضعف مقالة الرازي التي يقول فيها : إنّ أئمّة الرافضة وضعوا مقالتين لشيعتهم ، لا يظهر معهما أحد عليهم :
الأوّل : القول بالبداء ، فإذا قال : إنّهم سيكون لهم قوّة وشوكة ، ثمّ لا يكون الأمر على ما أخبروا ، قالوا : بدا لله فيه (٢).
إنّ الذي نقله أئمّة الشيعة هو ما تعرّفت عليه من الروايات ، وليس فيها شيء مما نسبه الرازي إليهم ، فقد نقلوا قصّة رسول الله مع اليهودي ، وقصة المسيح مع العروس ، كما نقلوا قصّة عمر داود وعمر الملك ، فهل يجد القارئ المنصف شيئاً مما ذكره الرازي؟!
وأمّا ما رواه عمرو بن الحمق فإنّما هو خبر واحد ذيّل كلامه بالآية قائلاً : بأنّ هذا ليس خبراً قطعياً وأنّه في مظانّ المحو والإثبات.
أفيصحّ لأجل مثله رمي أئمّة الشيعة «بأنّهم وضعوا قاعدتين ، وأنّهم كلّما
__________________
(١) المجلسي ، بحار الأنوار ٤ : ١١٩ / ح ٦٠.
(٢) الرازي ، نقد المحصل : ٤٢١ ، نقله عن سليمان بن جرير الزيدي ، والأمر الثاني هو التقية كما عرفت.