وجود شرطها أو عدم مانعها ، فالتغيّر فيها لأجل إعواز شرطها أو تحقّق مانعها ، فمثلاً يمكن أن يكتب فيه الموت نظراً إلى مقتضياته في الوقت المعين المتّصل بالمقتضيات ، إلّا أنّه ربّما يمحى ويؤجل ويكتب بدله توفر الصحّة ؛ لفقدان شرط التقدير الأوّل أو طروّ مانع من تأثير المقتضي.
فالتقدير الأوّل يفرض لأجل قياس الحادث إلى مقتضيه ، كما أنّ التقدير الثاني يتصوّر بالنسبة إلى جميع أجزاء علّته ، فإنّ الشيء إذا قيس إلى مقتضيه ـ الذي يحتاج الصدور منه إلى وجود شرائط وعدم موانع ـ يمكن تقدير وجوده ، بالنظر إلى مجموع أجزاء علّته التي منها الشرائط وعدم الموانع ، ويقدّر عدمه لفرض عدم وجود شرائطه ، وتحقّق موانعه.
إذا علمت ذلك فاعلم : أنّه ربّما يتّصل النبيّ أو الوليّ بلوح المحو والإثبات ، فيقف على المقتضي من دون أن يقف على شرطه أو مانعه ، فيخبر عن وقوع شيء ما ، ولكنّه ربّما لا يتحقّق لأجل عدم تحقّق شرطه أو عدم تحقّق وجود مانعه ، وذلك هو البداء في عالم الإثبات.
وإن شئت قلت : إنّ موارد وقوع البداء حسب الإثبات من ثمرات البداء في عالم الثبوت ، ولم يرد في الأخبار من هذا القسم من البداء إلّا موارد لا تتجاوز عدد الأصابع (١) ، نشير إليه بعد الفراغ عمّا ورد في الذكر الحكيم.
تلميحات للبداء في الذكر الحكيم :
ـ قال سبحانه : (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ* فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (٢).
__________________
(١) السيوطي ، الدر المنثور ٥ : ٢٨٠.
(٢) الصافات : ١٠١ ـ ١٠٢.