وثانياً : أنّه سبحانه كلّ يوم هو في شأن.
وثالثاً : أنّ لأفعال العباد تأثيراً في حسن العاقبة وسوئها ، ونزول الرحمة والبركة ، أو العقاب والنقمة.
إذا وقفت على هذه المقدّمات الثلاث فاعلم : أنّه يقع الكلام في البداء في مقامين :
١ ـ البداء في مقام الثبوت : أي تغيير المصير بالأعمال الصالحة أو الطالحة.
٢ ـ البداء في مقام الإثبات : أي الإخبار عن تحقّق الشيء علماً بالمقتضي مع خفاء المانع.
البداء في مقام الثبوت
إنّ حقيقة البداء أنّه سبحانه ـ على خلاف ما اعتقده اليهود والنصارى في حقّه من فراغه عن أمر الخلق والتدبير ، والإحياء والإماتة ، والتوسيع والتقدير في الرزق ، والتعمير والتنقيص ، إلى غير ذلك ممّا يرجع إلى الكون والإنسان ـ هو القائم دائماً بالأمر والتدبير ، وهو القيّوم على كلِّ شيء ، وكلّ يوم في شأن ، وليست يداه مغلولتين ، بل يداه مبسوطتان (في كلّ شيء) يمحو ويثبت حسب مشيئته الحكيمة وإرادته النافذة ، فهو المتجلّي في كلّ زمان بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، كالخالقية والرازقية ، والإحياء والإماتة ، إلى غير ذلك من أسمائه وصفاته سبحانه وتعالى.
ومن شعب هذا الأمر ، هو أنّه سبحانه : يزيد في الرزق والعمر وينقص منهما ، وينزل الرحمة والبركة ، كما ينزل البلاء والنقمة ، حسب مشيئته الحكيمة ، النافذة ، ولا تصدر عنه الأُمور جزافاً واعتباطاً ، بل حسب ما تقتضيها حال العباد من