هذا وفي اليهودية كثير من المذاهب التي تسرَّبت إلى الشيعة» (١).
هكذا ودون أيّ دليل وبيّنة متناسياً أنّ جميع المسلمين يذهبون إلى عصمة النبيّ صلىاللهعليهوآله ولا يختلف في ذلك أحد ، فهل إنّ هذه الفكرة تسرّبت إلى أهل السنّة من اليهود؟! أو أنّ المسلمين أرادوا بذلك إيضاح عداوة قريش للنبيّ صلىاللهعليهوآله؟ أو غير ذلك من التخرصات الباطلة؟!!
لا والله إنّها عقيدة إسلامية واقتبسها القوم من الكتاب والسنّة من دون أخذ من اليهود والفرس ، فما ذكره الكاتب تخرُّص بالغيب ، بل فرية واضحة.
إنّ الاختلاف في لزوم توصيف الإمام وعدمه ، ينشأ من الاختلاف في تفسير الإمامة بعد الرسول وماهيتها وحقيقتها كما أشرنا إلى ذلك سابقاً ، فمن تلقّى الإمامة ـ بعد الرسول ـ بأنّها مقام عرفي لتأمين السبل ، وتعمير البلاد ، وإجراء الحدود ، فشأنه شأن سائر الحكّام العرفيّين. وأمّا من رأى الإمامة بأنّها استمرار لتحقيق وظيفة الرسالة ، وأنّ الإمام ليس نبيّاً ولا يوحى إليه ، لكنّه مكلّف بملء الفراغات الحاصلة برحلة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فلا محيص له عن الالتزام بها ؛ لأنّ الغاية المنشودة لا تحصل بلا تسديد إلهي كما سيوافيك ، نعم إنّ أهل السنّة يتحرَّجون من توصيف الإمام بالعصمة ، ويتصوّرون أنّ ذلك يلازم النبوّة ، وما هذا إلّا أنّهم لا يفرّقون بين الإمامتين ، وأنّ لكلٍّ معطياته. والتفصيل موكول إلى محلّه.
الدليل على لزوم عصمة الإمام بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله
يمكن الاستدلال على لزوم العصمة في الإمام بوجوه متعدّدة نورد أهمها :
الأوّل : إنّ الإمامة إذا كانت استمراراً لوظيفة النبوّة والرسالة ، وكان الإمام
__________________
(١) الدكتور نبيه حجاب : مظاهر الشعوبية في الأدب العربي : ٤٩٢ ، كما في هوية التشيّع : ١٦٦.