فحبستهم ، فإذا أتاك كتابي هذا ، فابن له داره ، واردد عليه عياله وماله ، فانّي قد أجرته فشفّعني فيه».
فكتب إليه زياد : من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن بن فاطمة ، أمّا بعد : فقد أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلي وأنت طالب حاجة ، وأنا سلطان وأنت سوقة ، وتأمرني فيه بأمر المطاع المسلط على رعيّته كتبت إليّ في فاسق آويته إقامة منك على سوء الرأي ورضاً منك بذلك ، وأيم الله لا تسبقني به ولو كان بين جلدك ولحمك ، وإن نلت بعضك فغير رفيق بك ولا مرع عليك ، فإنّ أحبّ لحم عليَّ أن آكله اللّحم الذي أنت منه ، فسلّمه بجريرته إلى من هو أولى به منك ، فإن عفوت عنه لم أكن شفّعتك فيه ، وإن قتلته لم أقتله إلّا لحبّه أباك الفاسق ، والسلام» (١).
«كان زياد جمع الناس بالكوفة بباب قصره يحرّضهم على لعن عليّ أو البراءة منه ، فملأ منهم المسجد والرحبة ، فمن أبى ذلك عرضه على السيف» (٢).
وعن المنتظم لابن الجوزي : أنّ زياداً لمّا حصبه أهل الكوفة وهو يخطب على المنبر قطع أيدي ثمانين منهم ، وهمّ أن يخرب دورهم ويحرق نخلهم ، فجمعهم حتّى ملأ بهم المسجد والرحبة يعرضهم على البراءة من عليّ ، وعلم أنّهم سيمتنعون ، فيحتجّ بذلك على استئصالهم وإخراب بلدهم (٣).
بيان معاوية إلى عماله :
روى أبو الحسن عليّ بن محمّد بن أبي سيف المدائني في كتاب «الأحداث» قال : كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام الجماعة!! : «أن برأت الذمة ممّن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته» فقامت الخطباء في كلّ كورة ، وعلى كلّ
__________________
(١) شرح بن أبي الحديد ١٦ : ١٩٤.
(٢) مروج الذهب ٣ : ٢٦.
(٣) المنتظم ٥ : ٢٦٣ ط بيروت.