بالظنّة ، وأخذك بالتهمة ، وإمارتك صبيّاً يشرب الشراب ويلعب بالكلاب ، ما أراك إلّا قد أوبقت نفسك ، وأهلكت دينك ، وأضعت الرعيّة والسلام» (١).
ولعلّ المتأمل في جوانب هذه الرسالة والمتدبّر لمفرداتها يدرك وبوضوح مدى الدور المنحرف الذي وقفه الأُمويّون وعلى رأسهم معاوية في محاربة أنصار مذهب التشيّع وروّاده ، كما تتوضح له الصورة عن حجم المحنة التي مرّ بها الشيعة إبّان تلك الحقبة الزمنية.
ولكي تتوضّح الصورة في ذهن القارئ الكريم ندعوه إلى قراءة رسالة الإمام محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام لأحد أصحابه ، حيث قال :
«إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قبض وقد أخبر أنّا أولى الناس بالناس ، فتمالأت علينا قريش حتّى أخرجت الأمر عن معدنه واحتجّت على الأنصار بحقّنا وحجّتنا. ثمّ تداولتها قريش ، واحد بعد واحد ، حتّى رجعت إلينا ، فنكثت بيعتنا ونصبت الحرب لنا ، ولم يزل صاحب الأمر في صعود كئود حتّى قتل ، فبويع الحسن ابنه وعوهد ثمّ غدر به وأُسلم ووثب عليه أهل العراق حتّى طعن بخنجر في جنبه ، ونهبت عسكره ، وعولجت خلاخيل أُمّهات أولاده ، فوادع معاوية وحقن دمه ودماء أهل بيته ، وهم قليل حقّ قليل. ثمّ بايع الحسين من أهل العراق عشرون ألفاً ، ثمّ غدروا به ، وخرجوا عليه ، وبيعته في أعناقهم وقتلوه. ثمّ لم نزل ـ أهل البيت ـ نستذلّ ونستضام ، ونقصى ونمتهن ، ونحرم
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ١٦٤ ، جمهرة الرسائل ٢ : ٦٧ ، ورواه الكشي في رجاله ٤٨ ـ ٥١ والمجلسي في البحار ٤٤ : ٢١٢ ـ ٢١٤.