التشيّع حجازي المحتد والمولد :
التشيّع حجازي المحتد والمولد ؛ إذ فيه نشأ ، وفي تربته غرست شجرته ، ثمّ نمت وكبرت ، فصارت شجرة طيّبة ذات أغصان متّسقة وثمار يانعة. وفيه حثّ النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله على ولاء الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وسمّى أولياءه شيعة ، وحدّث بحديث الثقلين ، وجعل أئمة أهل البيت قرناء الكتاب في العصمة ولزوم الاقتفاء والطاعة ، وفيه رَقى النبيّ صلىاللهعليهوآله المنبر الذي صنعوه من رحال الإبل وأخذ بيد وصيّه ووليّ عهده عليّ المرتضى وحمد الله وأثنى عليه وقال : «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟» فقالوا : اللهمّ بلى ، ولما أخذ من الجمع المحتشد الإقرار بأولويّته على النفس والنفيس عرَّف عليّاً خليفة بعده وقال : «من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه» ونزل من المنبر ثمّ نزلت آيات من الذكر الحكيم تشير إلى هذه البيعة وتؤكّدها ، ومن ثمّ تبودلت التهاني والتحيّات بين الإمام والصحابة (١).
وقد أشار إلى بعض ما ذكر مؤلّف خطط الشام وقال : «إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله هو الذي حثّ على ولاء عليّ وأهل بيته عليهمالسلام وهو أوّل من سمّى أولياءه بالشيعة ، وفي عهده ظهر التشيّع وسمّي جماعة بالشيعة (٢).
ولما ارتحل النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله إلى دار البقاء تناسى أُولو القوّة والمنعة من الصحابة عهد النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله فحالوا بين النبيّ صلىاللهعليهوآله وأُمنيته كما حالوا بين أُمّته وإمامها ، فتداولوا كُرة الخلافة بينهم ، وأخذوا بمقاليد الحكم واحداً بعد آخر ، والإمام منعزل عن الحكم ، لا عمل له إلّا هداية الأُمّة وإرشادها بلسانه وبيانه وقلمه وبنانه.
__________________
(١) لقد أفرد علماء الإمامية كتباً كثيرة أشاروا فيها إلى بيعة الغدير التي حدثت بعد عودة رسول الله صلىاللهعليهوآله والمسلمين من حجّة الوداع ، وقد بسطوا القول فيها وعضدوها بالأدلّة القوية والثابتة ، كما أنّ كتب أهل السنّة حافلة بهذا الخبر تصريحاً أو إشارة إليه ، فمن شاء فليراجع.
(٢) محمد كرد علي ، خطط الشام ٥ : ٢٥١.