الفن ومن أجلّائه وأعيانه حاز قصب السبق في ميدان علم الرجال ، له كتاب فهرس مصنّفي الشيعة المعروف برجال النجاشي.
٦ ـ والشيخ الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه) الغني عن التعريف ، عمل كتابين أحدهما الفهرست والآخر الرجال ، ويعدّان من أُمّهات الكتب الرجالية.
وتوالى التأليف في علم الرجال كما في قرينه علم الدراية إلى عصرنا هذا ، وقد أنهى الشيخ الطهراني ، المؤلّفين من الشيعة في علم الرجال فبلغوا قرابة خمسمائة مؤلّف ، شكر الله مساعي الجميع.
هذا عرض موجز لمشاركة علماء الشيعة في بناء الحضارة الإسلامية عن طريق تأسيس العلوم وإكمالها وتطويرها ، وأنت إذا وقفت على جهودهم الجبّارة في القرون الأُولى وما بعدها إلى عصرنا الحاضر ، تقف على طائفة كبيرة من عمالقة العلم وجهابذة الفضل ، كرّسوا حياتهم الثمينة في إرساء صرح الحضارة الإسلامية ورفع قواعدها ، فخلّدوا لأنفسهم صحائف بيضاء ، ولصالح أُمّتهم حضارة إنسانية ، كل ذلك في ظروف قاسية ، وسلطات ظالمة شديدة الكلب ، وأضغان محتدمة ، إلّا في فترات يسيرة.
١٣ ـ قدماء الشيعة والعلوم العقلية
جاء الإسلام ليحرّر عقل الإنسان وتفكيره من الأغلال المتراكمة الموروثة التي توارثها قهراً من الأجيال الماضية ، فهو يخاطب العقل ويدعوه إلى التأمّل والتفكير ، ويخاطب القلب والضمير بما حوله من الأدلّة الناطقة ، ويكفي في توضيح ذلك أنّ الذكر الحكيم استعمل مادة «العقل» بمختلف صورها (٤٧) مرّة ، و «التفكّر» (١٨) مرّة ، و «اللب» (١٦) مرّة و «التدبّر» (٤) مرات و «النُّهى» مرتين. فبذلك نهى عن التقليد وحثّ على التعقّل ببيانات مختلفة.