الأوفياء له في جميع المراحل التي مرّ بها ، وما زال التشيّع ينمو وينتشر بين المسلمين في الأقطار المختلفة ، يدخلها مع الإسلام جنباً إلى جنب ، بل أنّ حقيقته استحكمت من خلال التطبيق العملي لهذا الاستخلاف عبر السنوات القصيرة التي تولّى فيها الإمام عليّ منصب الخلافة بعد مقتل عثمان بن عفّان ، فشاعت بين المسلمين أحاديث استخلافه ، ووجد الناس من سيرته وزهده وحكمته ما أكّد لهم صحّة تلك المرويّات ، وأنّه هو المختار لقيادة الأُمّة وحماية القرآن ونشر تعاليمه ومبادئه (١).
وإذا كان العنصر المقوّم لإطلاق عبارة الشيعة هو مشايعة عليّ بعد النبيّ الأكرم في الزعامة والوصاية أوّلاً ، وفي الفعل والترك ثانياً ؛ فإنّه من غير المنطقي محاولة افتراض علّة اجتماعية أو سياسية أو كلامية لتكوّن هذه الفرقة.
ومن أجل أن ترتسم في الأذهان الصورة واضحة عن مجسّدي هذه التسمية في تلك الحقبة البعيدة في التأريخ والملاصقة لعصر الرسالة الأوّل ، نستعرض جملة من رواد هذا الميدان المقدّس والذين يعدّون بحقّ أوائل حملة هذه التسمية المباركة على وجه الإجمال. ومن أراد التفصيل فليرجع إلى ما كتب حولهم من المؤلّفات ، وسنأتي بأسماء تلك الكتب في آخر البحث :
روّاد التشيّع في عصر النبيّ صلىاللهعليهوآله
إنّ الإحالة للتعرّف على روّاد التشيّع إلى الكتب المؤلّفة في ذلك المضمار لا تخلو من عسر وغموض ، قد تدفع بالأمر إلى جملة من المناقشات ، إلّا أنّنا سنقتصر في حديثنا على إيراد جملة من أُولئك الصحابة الذين اشتهروا بالتشيّع ونسبوا له :
__________________
(١) الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة : ٢٨ ـ ٢٩.