النهضة الأوروبية. ولقد وضع عشرات من العلماء موسوعات وكتباً لبيان ما قدّمته الحضارة الإسلامية من خدمات جليلة إلى المجتمع البشري في المجالات المختلفة.
ولا يمكن لأحد القول بأنّ الحضارة الإسلامية حضارة عربية بحتة تفرَّد العرب في إقامة بنيانها وتثبيت أركانها ، بقدر ما كانت تمثّل الجهد المتفاعل لجميع الشعوب الإسلامية بقومياتها المختلفة من عرب وفرس وترك وغيرهم من القوميات ، الذين ذابوا في الإسلام ونسوا قوميّاتهم ومشخّصاتهم العنصرية والبيئية.
ومن هنا فإنّ أيّ تعبير عن الحضارة التي سادت إبّان تلك الحقبة الزاهرة من حياة البلاد العربية وما يجاورها ، فإنّ المراد به الإشارة إلى الحضارة الإسلامية بكلّ أبعادها وأُسس بنيانها ، والتي شارك فيها جميع المسلمين ، المخلصين لرسالة السماء التي جاء بها نبيّ الرحمة محمّد صلىاللهعليهوآله.
إنّ المسلمين الأوائل وبفضل جهدهم المخلص في بناء حياة الأُمم والشعوب ، استطاعوا أن يقيموا للإسلام حضارة عظيمة ورائعة مترامية الأطراف كانت متوازية مع خطّ انتشار الدعوة الإسلامية ، فلا غرو أن تخفق راياتها في بقاع واسعة من العالم تمتد من حدود الصين شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً.
بلى لقد استطاع المسلمون أن يقيموا حضارة حقيقية ترتكز على أُسس أخلاقية وعقائدية سماوية ، ضربت جذورها في أعماق البناء الإنساني واستطاعت أن تجعل منه وكما أراد خالقه له أن يكون خليفته في أرضه.
وإذا كان «ويل دورانت» في كتابه الشهير «قصّة الحضارة» قد أشار إلى أنّ الحضارة تتألّف من عناصر أربعة ، وهي :
١ ـ الموارد الاقتصادية.
٢ ـ النظم السياسية.
٣ ـ التقاليد الخلقية.