اختلفوا في كونه إماماً منصوصاً من قبل الله عزوجل ، فذهبت الشيعة إلى الثاني نظراً إلى النصوص المتواترة المذكورة في مظانّها (١).
حياته العلميّة عليهالسلام
ولقد امتدّ عصر الإمام الصادق عليهالسلام من آخر خلافة عبد الملك بن مروان إلى وسط خلافة المنصور الدوانيقي ، أي من سنة ٨٣ ه إلى سنة ١٤٨ ه. فقد أدرك طرفاً كبيراً من العصر الأُموي ، وعاصر كثيراً من ملوكهم ، وشاهد من حكمهم أعنف أشكاله ، وقضى سنوات عمره الأُولى حتّى الحادية عشرة من عمره مع جدّه زين العابدين ، وحتّى الثانية والثلاثين مع أبيه الباقر ونشأ في ظلّهما يتغذّى من تعاليمهما وتنمو مواهبه وتربّى تربيته الدينية ، وتخرّج من تلك المدرسة الجامعة فاختصّ بعد وفاة أبيه بالزعامة سنة ١١٤ ه ، واتسعت مدرسته بنشاط الحركة العلميّة في المدينة ومكّة والكوفة وغيرها من الأقطار الإسلامية.
وقد اتّسم العصر المذكور الذي عاشه الإمام بظهور الحركات الفكريّة ، ووفود الآراء الاعتقادية الغريبة إلى المجتمع الإسلامي ، وأهمها عنده هي حركة الغلاة الهدّامة ، الذين تطلّعت رءوسهم في تلك العاصفة الهوجاء إلى بثّ روح التفرقة بين المسلمين ، وترعرت بنات أفكارهم في ذلك العصر ليقوموا بمهمة الانتصار لمبادئهم التي قضى عليها الإسلام ، فقد اغتنموا الفرصة في بثّ تلك الآراء الفاسدة في المجتمع الإسلامي ، فكانوا يبثّون الأحاديث الكاذبة ويسندونها إلى حملة العلم من آل محمد ، ليغروا بها العامّة ، فكان المغيرة بن سعيد يدّعي الاتصال بأبي جعفر الباقر ويروي عنه الأحاديث المكذوبة ، فأعلن الإمام الصادق عليهالسلام كذبه
__________________
(١) لاحظ الكافي ١ : ٣٠٦ ـ ٣٠٧.