مناظراته
وأمّا مناظراته مع المخالفين فحدّث عنها ولا حرج ، وقد جمعها العلّامة الطبرسي في كتاب الاحتجاج (١).
قال الشيخ المفيد في الإرشاد : وجاءت الأخبار : أنّ نافع بن الأزرق (٢) جاء إلى محمّد بن عليّ ، فجلس بين يديه يسأله عن مسائل الحلال والحرام. فقال له أبو جعفر في عرض كلامه : «قل لهذه المارقة ، بم استحللتم فراق أمير المؤمنين ، وقد سفكتم دماءكم بين يديه في طاعته والقربة إلى الله بنصرته؟ فسيقولون لك : إنّه حكَّم في دين الله ، فقل لهم : قد حكَّم الله تعالى في شريعة نبيّه صلىاللهعليهوآله رجلين من خلقه فقال : (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) ، وحكَّم رسول الله صلىاللهعليهوآله سعد بن معاذ في بني قريظة فحكم فيهم بما أمضاه الله ، أو ما علمتم أنَّ أمير المؤمنين إنَّما أمر الحكمين أن يحكما بالقرآن ولا يتعدّياه ، واشترط ردّ ما خالف القرآن في أحكام الرجال ، وقال حين قالوا له : حكّمت على نفسك من حكم عليك؟ فقال : ما حكّمت مخلوقاً وإنّما حكّمت كتاب الله. فأين تجد المارقة تضليل من أمر بالحكم بالقرآن ، واشترط ردّ ما خالفه لو لا ارتكابهم في بدعتهم البهتان»؟ فقال نافع بن الأزرق : هذا والله كلام ما مرّ بسمعي قط ، ولا خطر منّي ببال ، وهو الحقّ إن شاء الله.
ثمّ إنّ الشيعة الإمامية أخذت كثيراً من الأحكام الشرعية عنه وعن ولده البارّ
__________________
(١) الاحتجاج ٢ : ٥٤ ـ ٦٩.
(٢) الارشاد : ٢٦٥ ، ولعلّ المناظر هو عبد الله بن نافع بن الأزرق ؛ لأنّ نافعاً قتل عام ٦٥ من الهجرة وللإمام عندئذ من العمر دون العشرة ، وقد نقل ابن شهرآشوب بعض مناظرات الإمام مع عبد الله بن نافع فلاحظ ٤ : ٢٠١.