يُغضي حياء ويُغضى من مهابته |
|
فما يكلّم إلّا حين يبتسمُ |
إذا رأته قريش قال قائلها |
|
إلى مكارم هذا ينتهي الكرمُ |
إن عُدَّ أهل التقى كانوا أئمّتهم |
|
أو قيل من خير أهل الأرض قيل همُ |
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله |
|
بجدّه أنبياء الله قد خُتموا |
وليس قولك من هذا بضائره |
|
العرب تعرف من أنكرت والعجمُ |
إلى آخر القصيدة التي حفظتها الأُمّة وشطّرها جماعة من الشعراء. وقد ثقل ذلك على هشام فأمر بحبسه ، فحبسوه بين مكّة والمدينة ، فقال معترضاً على عمل هشام :
أيحبسني بين المدينة والتي |
|
إليها قلوب الناس يهوى منيبها |
يقلّب رأساً لم يكن رأس سيّدٍ |
|
وعيناً له حولاء بادٍ عيوبها |
فأخرجه من الحبس فوجّه إليه علي بن الحسين عليهماالسلام عشرة آلاف درهم وقال : «اعذرنا يا أبا فراس ، فلو كان عندنا في هذا الوقت أكثر من هذا لوصلناك به» فردّها الفرزدق وقال : ما قلت ما كان إلّا لله ، فقال له علي عليهالسلام : «قد رأى الله مكانك فشكرك ، ولكنّا أهل بيت إذا أنفذنا شيئاً لم نرجع فيه» وأقسم عليه فقبلها.
٢ ـ زهده وعبادته ومواساته للفقراء :
أمّا زهده وعبادته ومواساته للفقراء ، وخوفه من الله فغني عن البيان. فقد روي عنه عليهالسلام أنّه إذا توضّأ اصفرّ لونه ، فيقال : ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء؟ قال : «أتدرون بين يَدي من أُريد أن أقف».
من كلماته عليهالسلام : «إنّ قوماً عبدوا الله رياضة ؛ فتلك عبادة العبيد ، وأنّ قوماً عبدوه رغبة ؛ فتلك عبادة التجّار ، وأنّ قوماً عبدوه شكراً ؛ فتلك عبادة الأحرار».
وكان إذا أتاه سائل يقول له : «مرحباً بمن يحمل زادي إلى الآخرة».