الأُموية المنحرفة ، والتي قد تؤلّف خطراً جدّياً على وجودها غير المشروع ، ولقد كان همّ هذه السلطة هو الإمام الحسين عليهالسلام لما يعرفونه عنه من موقف لا يلين ولا يهادن في الحقّ ، ومن هنا فقد كتب مروان بن الحكم ـ وكان عامل معاوية على المدينة ـ : إنّ رجالاً من أهل العراق ووجوه أهل الحجاز يختلفون إلى الحسين بن عليّ وأنّه لا يأمن وثوبه ، ولقد بحثت عن ذلك فبلغني أنّه لا يريد الخلاف يومه هذا ، ولست آمن أن يكون هذا أيضاً لما بعده.
ولمّا بلغ الكتاب إلى معاوية كتب رسالة إلى الحسين وهذا نصّها :
أمّا بعد ؛ فقد انتهت إليّ أُمور عنك إن كانت حقّاً فإنّي أرغب بك عنها ، ولعمر الله إنّ من أعطى الله عهده وميثاقه لجدير بالوفاء ، وإنّ أحقَّ الناس بالوفاء من كان في خطرك وشرفك ومنزلتك التي أنزلك الله لها ... (١).
ولمّا وصل الكتاب إلى الحسين بن عليّ ، كتب إليه رسالة مفصّلة ذكر فيها جرائمه ونقضه ميثاقه وعهده ، نقتبس منها ما يلي :
«ألست قاتل حجر بن عديّ أخا كندة وأصحابه المصلّين ، العابدين ، الّذين ينكرون الظلم ، ويستفظعون البدع ، ويأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر ، ولا يخافون في الله لومة لائم ، ثمّ قتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما أعطيتهم الأيمان المغلّظة والمواثيق المؤكّدة ، ولا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ، جرأة على الله واستخفافاً بعهده؟ أولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله ، العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه واصفرّ لونه ، فقتلته بعد ما أمنته وأعطيته العهود ما لو فهمته العصم لنزلت من شعف الجبال (٢).
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ١٦٣.
(٢) أي قممها وأعاليها.