المدينة ـ على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ـ فرأيت رجلاً راكباً على بغلة لم أر أحسن وجهاً ولا سمتاً ولا ثوباً ولا دابّة منه ، فمال قلبي إليه ، فسألت عنه فقيل : هذا الحسن بن عليّ بن أبي طالب ، فامتلأ قلبي له بغضاً وحسدت عليّاً أن يكون له ابن مثله ، فصرت إليه وقلت له : أأنت ابن عليّ بن أبي طالب؟ قال : «أنا ابنه» ، قلت : فعل بك وبأبيك ، أسبّهما ، فلمّا انقضى كلامي قال لي : «أحسبك غريباً»؟ قلت : أجل ، قال : «مِلْ بنا ، فإن احتجت إلى منزل أنزلناك ، أو إلى مال آتيناك ، أو إلى حاجة عاونّاكَ» قال : فانصرفت عنه وما على الأرض أحبّ إليّ منه ، وما فكرت فيما صنع وصنعت إلّا شكرته وخزيت نفسي (١).
إمامته عليهالسلام
يكفي في ذلك ما صرّح به النبيّ صلىاللهعليهوآله من قوله : «هذان ابناي إمامان قاما أو قعدا ...».
وروت الشيعة بطرقهم عن سليم بن قيس الهلالي قال : شهدت أمير المؤمنين عليهالسلام حين أوصى إلى ابنه الحسن عليهالسلام وأشهد على وصيّته الحسين عليهالسلام ومحمّداً وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته ، ثمّ دفع إليه الكتاب والسلاح وقال له : «يا بنيّ إنّه أمرني رسول الله صلىاللهعليهوآله أن أُوصي إليك ، وأدفع إليك كتبي وسلاحي ، كما أوصى إليّ ودفع إليّ كتبه وسلاحه ، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين ، ثمّ أقبل على ابنه الحسين عليهالسلام فقال : وأمرك رسول الله صلىاللهعليهوآله أن تدفعها إلى ابنك هذا ، ثمّ أخذ بيد عليّ بن الحسين وقال : وأمرك رسول الله أن تدفعها إلى ابنك محمّد بن عليّ فاقرئه من رسول الله
__________________
(١) ابن خلّكان ، وفيات الأعيان ٢ : ٦٨.