فقد هزّني كلامه هذا ، وقلت في نفسي ، سبحان الله ، في وسط هذا البلد الحرام يجهل مدرسُ الحرم المكّي تاريخَ الشيعة الإمامية ومصنّفاتها ، وكأنّه يسأل عن أُمّة بائدة لا تاريخ لها ولا ثقافة ، فما بال الآخرين الذين هم في منأى عن أُمّ القرى مكّة المكرّمة؟!!
ومنذ ذلك الحين راودتني فكرة تحرير كتاب عن تاريخ الشيعة ، وعقائدها ، وأئمّتها ، وأحكامها.
وقد حرصتُ في هذا الكتاب على بيان المشتركات التي تجمع بين الطائفتين (السنّة والشيعة) على صعيد العقيدة والشريعة والفكر ، إلى جانب بيان الفوارق التي ساقها إليهم الدليل والبرهان ، هذا في الوقت الذي نذعن فيه لما قاله أُستاذنا ورائدنا السيّد شرف الدين العاملي رحمهالله حينما خاطب علماء السنّة بقوله : ما يجمعنا أكثر ممّا يفرّقنا.
وتبعه الشاعر المفلق محمّد حسن عبد الغني المصري شاعر الأهرام لمّا قال :
إنّا لتجمعنا العقيدة أُمّةً |
|
ويضمّنا دينُ الهدى أتباعاً |
ويؤلّف الإسلامُ بينَ قلوبنا |
|
مهما ذهبْنا في الهوى أشياعاً |
وفي الختام نرجو من الله سبحانه أن يكون هذا الكتاب مساهمة متواضعة في سبيل تقريب الخطى بين المسلمين وتوثيق أواصر الأُخوّة ، وتعزيز التعاون المشترك بينهم كي يكونوا صفّاً واحداً أمام أعدائهم ، إنّه بذلك قدير وبالإجابة جدير.
|
جعفر السبحاني قم ـ مؤسسة الإمام الصادق عليهالسلام ١٧ صفر المظفّر من شهور عام ١٤٢١ ه |