تمزيق رسالة النبي صلىاللهعليهوآله ، وتوجيه الإهانة إلى سفيره بإخراجه من بلاطه ، والكتابة إلى واليه وعامله على اليمن بأن يوجّه إلى المدينة من يقبض على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أو يقتله إن امتنع.
و «خسرو» هذا وإن قتل في زمن رسول الله صلىاللهعليهوآله إلّا أنّ استقلال اليمن ـ التي رزخت تحت استعمار الامبراطورية الإيرانية ردحاً طويلاً من الزمان ـ لم يغب عن نظر ملوك إيران آنذاك ، وكان غرور أُولئك الملوك وتجبّرهم وكبرياؤهم لا يسمح بتحمّل منافسة القوة الجديدة (القوة الإسلامية) لهم.
والخطر الثالث كان هو خطر حزب النفاق الذي كان يعمل بين صفوف المسلمين كالطابور الخامس على تقويض دعائم الكيان الإسلامي من الداخل إلى درجة أنّهم قصدوا اغتيال رسول الله صلىاللهعليهوآله في طريق العودة من تبوك إلى المدينة.
فقد كان بعض عناصر هذا الحزب الخطر يقول في نفسه : إنّ الحركة الإسلامية سينتهي أمرها بموت رسول الله صلىاللهعليهوآله ورحيله ، وبذلك يستريح الجميع (١).
ولقد قام أبو سفيان بن حرب بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله بمكيدة مشئومة لتوجيه ضربة إلى الأُمّة الإسلامية من الداخل ، وذلك عند ما أتى علياً عليهالسلام وعرض عليه أن يبايعه ضدّ من عيّنه رجال السقيفة ، ليستطيع بذلك تشطير الأُمّة الإسلامية الواحدة إلى شطرين متحاربين متقاتلين ، فيتمكّن من التصيّد في الماء العكر.
ولكنّ الإمام علياً عليهالسلام أدرك بذكائه البالغ نيّات أبي سفيان الخبيثة ، فرفض مطلبه وقال له كاشفاً عن دوافعه ونيّاته الشريرة :
«والله ما أردت بهذا إلّا الفتنة ، وإنّك ـ والله ـ طالما بغيت للإسلام شرّاً. لا حاجة لنا في نصيحتك» (٢).
__________________
(١) أشارت إلى ذلك الآية الكريمة ٣٠ من سورة الطور : أم يقولون شاعرٌ نتربّصُ به ريبَ المنون.
(٢) الكامل في التاريخ ٢ : ٢٢٢ ، العقد الفريد ٢ : ٢٤٩.