شديداً لعليّ حتّى أنّه قال لها : «اجعلي مهده بقرب فراشي» وكان صلىاللهعليهوآله يطهّر علياً في وقت غسله ، ويوجره اللّبن عند شربه ، ويحرّك مهده عند نومه ، ويناغيه في يقظته ، ويلاحظه ويقول : «هذا أخي ، ووليّي ، وناصري ، وصفيّي ، وذخري ، وكهفي ، وصهري ، ووصيّي ، وزوج كريمتي ، وأميني على وصيّتي ، وخليفتي» (١).
ولقد كانت الغاية من هذه العناية هي أن يتمّ توفير الضلع الثاني في مثلّث الشخصية (وهو التربية) بواسطته صلىاللهعليهوآله ، وأن لا يكون لأحد غير النبيّ صلىاللهعليهوآله دخل في تكوين الشخصية العلوية الكريمة.
وقد ذكر الإمام عليّ عليهالسلام ما أسداه الرسول الكريم إليه وما قام به تجاهه في تلكم الفترة إذ قال :
«وقد علمتم موضعي من رسول الله صلىاللهعليهوآله بالقرابة القريبة ، والمنزلة الخَصيصة ، وضعني في حجره وأنا وليد ، يضمّني إلى صدره ، ويَكنُفني في فراشه ، ويمسُّني جسدَه ، ويُشمّني عَرْفَه ، وكان يمضغ الشيء ثمّ يُلقمنيه» (٢).
النبي يأخذ عليّاً إلى بيته :
وإذ كان الله تعالى يريد لولي دينه أن ينشأ نشأة صالحة وأن يأخذ النبي عليّاً إلى بيته وأن يقع منذ نعومة أظفاره تحت تربية النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، ألفت نظر نبيّه إلى ذلك.
قد ذكر المؤرّخون أنّه أصابت مكّة ـ ذات سنة ـ أزمة مهلكة وسنة مجدبة منهكة ، وكان أبو طالب ـ رضي الله عنه ـ ذا مال يسير وعيال كثير فأصابه ما أصاب قريشاً من العدم والضائقة والجهد والفاقة ، فعند ذلك دعا رسول الله عمّه
__________________
(١) كشف الغمة ١ : ٦٠.
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة (١٩٢) المسمّاة بالخطبة القاصعة.