[رأي العزّ بن عبد السلام في جهاد التتار]
وفي آخرها قبض الأمير سيف الدّين قطز المعزيّ على ابن أستاذه الملك المنصور عليّ بن المعزّ ، وتسلطن ولقّب بالملك المظفّر. وسبب ذلك قدوم الصّاحب كمال الدّين ابن العديم رسولا يطلب النّجدة على التّتار (١) ، فجمع قطز الأمراء والأعيان ، فحضر الشّيخ عزّ الدّين ابن عبد السّلام والقاضي بدر الدّين السّنجاريّ ، وجلس الملك المنصور في دست السّلطنة ، فاعتمدوا على ما يقوله الشّيخ عزّ الدّين ، فكان خلاصته : إذا طرق العدوّ البلاد وجب على العالم كلّهم قتالهم ، وجاز أن يؤخذ من الرّعيّة ما يستعان به على جهادهم ، بشرط أن لا يبقى في بيت المال شيء ، وأن تبيعوا ما لكم من الحوائص والآلات ، ويقتصر كلّ منكم على فرسه وسلاحه ، ويتساووا في ذلك هم والعامّة. وأمّا أخذ أموال العامة مع بقاء ما في أيدي الجند من الأموال والآلات الفاخرة فلا (٢).
[سلطنة قطز]
ثمّ بعد أيام يسيرة قبض على المنصور وقال : هذا صبيّ والوقت صعب ، ولا بدّ من أن يقوّم رجل شجاع ينتصب للجهاد (٣).
وكان الأميران علم الدّين الغتمي (٤) وسيف الدّين بهادر المعزّيّين حين جرى هذا المجلس غائبين لرمي البندق ، فاغتنم قطز غيبتهما وتسلطن ، فلمّا حضرا قبض عليهما ، وسيّر القاضي برهان الدّين السّنجاريّ مع ابن العديم إلى
__________________
(١) عيون التواريخ ٢٠ / ٢١٤.
(٢) البداية والنهاية ١٣ / ٢١٥ ، السلوك ج ١ ق ٢ / ٤١٦ ، ٤١٧ ، تاريخ الخلفاء ٤٧٥ ، بدائع الزهور ج ١ ق ١ / ٣٠١ ، ٣٠٢.
(٣) نزهة المالك والمملوك ، ورقة ١٠٢ ، تاريخ الدولة التركية ، ورقة ٥ أ ، المختصر في أخبار البشر ٣ / ١٩٩ ، مرآة الجنان ٤ / ١٤٨ ، عيون التواريخ ٢٠ / ٢١٤ ، البداية والنهاية ١٣ / ٢١٦ ، ذيل الروضتين ٢٠٣ ، تاريخ الخميس ٢ / ٤٢٢ ، جامع التواريخ ٣٠٠ ، التحفة الملوكية ٤٢ ، الجوهر الثمين ٢ / ٥٧ ، ٥٨ ، السلوك ج ١ ق ٢ / ٤١٧ ، عقد الجمان (١) ٢٢٠ ، تاريخ الخلفاء ٤٧٥ ، النجوم الزاهرة ٧ / ٧٢ ، بدائع الزهور ج ١ ق ١ / ٣٠٢.
(٤) في عقد الجمان (١) ٢٢٠ «العتمي» بالعين المهملة.