السّلطان الشّهيد الملك المظفّر ، سيف الدّين المعزّيّ.
كان أكبر مماليك المعزّ أيبك التّركمانيّ. وكان بطلا شجاعا ، مقداما ، حازما ، حسن التّدبير ، يرجع إلى دين وإسلام وخير. وله اليد البيضاء في جهاد التّتار ، فعوّض الله شبابه بالجنّة.
حكى شمس الدّين ابن الجزريّ في «تاريخه» (١) ، عن أبيه قال : كان قطز في رقّ ابن الزّعيم بدمشق في القصّاعين ، فضربه أستاذه فبكى ، ولم يأكل شيئا يومه. ثمّ ركب أستاذه للخدمة ، وأمر الفرّاش أن يترضّاه ويطعمه.
قال : فحدّثني الحاجّ عليّ الفرّاش قال : جئته فقلت : ما هذا البكاء من لطشة؟ فقال : إنّما بكائي من لعنته أبي وجدّي ، وهم خير منه.
فقلت : من أبوك واحد كافر. فقال : والله ما أنا إلّا مسلم ابن مسلم ، أنا محمود بن مودود ابن أخت خوارزم شاه من أولاد الملوك. فسكتّ وترضّيته وتنقّلت به الأحوال إلى أن تملّك. ولمّا تملّك الشّام أحسن إلى الحاجّ عليّ الفرّاش ، وأعطاه خمسمائة دينار ، وعمل له راتبا.
قلت : وكان مدبّر دولة أستاذه الملك المنصور عليّ بن المعزّ ، فلمّا دهم العدوّ الشّام رأى أنّ الوقت يحتاج إلى سلطان مهيب كامل الرّجوليّة ، فعزل الصّبيّ من الملك وتسلطن ، وتمّ له ذلك في أواخر سبع وخمسين. ثمّ لم يبلع ريقه ، ولا تهنّى بالسّلطنة حتّى امتلأت الشّامات المباركة بالتّتار ، فتجهّز للجهاد ، وشرع في أهبة الغزو ، والتفّ عليه عسكر الشّام وبايعوه ، فسار بالجيوش في أوائل رمضان لقصد الشّام ، ونصر الإسلام ، فعمل المصافّ مع التّتار وعليهم كتبغا على عين جالوت ، فنصره الله تعالى ، وقتل مقدّم التّتار.
__________________
= ودول الإسلام ٢ / ١٦٣ ، ومرآة الجنان ٤ / ١٤٩ ، وفوات الوفيات ٣ / ٢٠١ ـ ٢٠٣ رقم ٣٩٨ ، وطبقات الشافعية الكبرى ٨ / ٢٧٧ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٢٥ ـ ٢٢٧ ، وتحقيق النصرة للمراغي ٧١ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٢٢٩ و ٢٤١ ـ ٢٤٣ والنجوم الزاهرة ٧ / ٧٢ ـ ٧٩ ، وحسن المحاضرة ٢ / ٣٨ ، ٣٩ ، وشذرات الذهب ٥ / ٢٩٣ ، وتحفة الأحباب ٤١٠ ، ٤١١ ، والتحفة الملوكية ٤٥ ، وآثار الأول في ترتيب الدول للعباس ٢٦٨ ، والجوهر الثمين ٢ / ٥٩ ـ ٦٥ ، وأخبار الدول وآثار الأول للقرماني ٢ / ٢٦٨ ـ ٢٧١ ، وتاريخ الأزمنة ٢٤٤ ، والمختار من تاريخ ابن الجزري ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، والوافي بالوفيات ٢٤ / ٢٥١ ـ ٢٥٣ رقم ٢٦٦.
(١) في المختار من تاريخ ابن الجزري ٢٥٧.