وعملت دعوة عظيمة وقت ختمه ، وخلع على الشّيخ ، وأعطي من الذّهب العين ستّة آلاف دينار.
ويوم خلافته بلغت الخلع ثلاثة عشر ألف خلعة وسبعمائة وخمسين خلعة.
وأجاز له على يد ابن النجّار : المؤيّد الطّوسيّ ، وأبو روح الهرويّ ، وجماعة.
سمع منه شيخه الّذي لقّنه القرآن أبو الحسن عليّ بن النّيّار ، وحدّث عنه.
وروى عنه الإجازة في خلافته : محيي الدّين يوسف ابن الجوزيّ ، ونجم الدّين عبد الله البادرّائيّ.
وروى عنه بمراغة : ولده الأمير مبارك.
وكان كريما حليما ، سليم الباطن ، حسن الدّيانة.
قال الشّيخ قطب الدّين (١) : كان متديّنا متمسكا بالسّنّة كأبيه وجدّه ، ولكنّه لم يكن على ما كان عليه أبوه وجدّه النّاصر من التّيقّظ والحزم وعلوّ الهمّة.
فإنّ المستنصر بالله كان ذا همّة عالية ، وشجاعة وافرة ، ونفس أبيّة ، وعنده إقدام عظيم. استخدم من الجيوش ما يزيد على مائة ألف. وكان له أخ يعرف بالخفاجيّ يزيد عليه في الشّهامة والشّجاعة ، وكان يقول : إن ملّكني الله لأعبرنّ بالجيوش نهر جيحون وانتزع البلاد من التّتار واستأصلهم.
فلما توفّي المستنصر لم ير الدّويدار والشّرابيّ والكبار تقليد الخفاجيّ الأمر ، وخافوا منه ، وآثروا المستعصم لما يعلمون من لينه وانقياده وضعف رأيه ، ليكون الأمر إليهم. فأقاموا المستعصم ، ثمّ ركن إلى وزيره ابن العلقميّ ، فأهلك الحرث والنّسل ، وحسّن له جمع الأموال ، والاقتصار على بعض العساكر ، وقطع الأكثر. فوافقه على ذلك. وكان فيه شحّ ، وقلّة معرفة ، وعدم تدبير ، وحبّ للمال ، وإهمال للأمور. وكان يتّكل على غيره ، ويقدم على ما لا يليق وعلى ما يستقبح. ولو لم يكن إلّا ما فعله مع النّاصر داود في أمر الوديعة.
__________________
(١) في ذيل مرآة الزمان ١ / ٨٥.