[غرق بغداد]
زادت دجلة زيادة مهولة إلى الغاية لم يعهد مثلها إلّا من زمان ، فغرق خلق كثير من أهل بغداد. ومات خلق تحت الهدم. وركب النّاس في المراكب واستعانوا بالله تعالى وعاينوا التّلف (١).
فنقل أبو شامة قال : جاء كتاب من المدينة النبويّة من بعض بني الفاشانيّ يقول فيه : وصل إلينا من العراق نجّابة في جمادى الآخرة ، وأخبروا عن بغداد أنّه أصابها غرق عظيم حتّى دخل الماء من أسوار بغداد ، وغرق كثير من البلد ، وانهدمت دار الوزير ، وثلاثمائة وثمانون دارا ، وانهدم مخزن الخليفة ، وهلك شيء كثير من خزانة السّلاح. وأشرف النّاس على الهلاك ، وعادت السّفن تدخل إلى وسط البلد وتخرق أزقّة بغداد (٢).
وقد وقع مثل هذا الغرق ببغداد في سنة أربع وخمسين وخمسمائة أيضا.
وبعد ذلك غير مرّة ، فقد غرقت بغداد عدّة مرّات.
[فتنة الكرخ]
وفيها كانت فتنة الكرخ في ذي الحجّة. قتل أهل الكرخ رجلا من قطفتا فحمله أهله إلى باب النّوبيّ ، ودخل جماعة إلى الخليفة وعظّموا ذلك ، ونسبوا أهل الكرخ إلى كلّ فساد ، فأمر بردعهم. فركب الجند إليهم وتبعهم الغوغاء فنهب الكرخ وأحرقت عدّة مواضع ، وسبوا العلويّات وقتلوا عدّة. واشتدّ الخطب ثمّ أخمدت الفتنة بعد بلاء كبير ، وصلب قاتل الأوّل (٣).
__________________
(١) مرآة الزمان ق ٢ ج ٨ / ٧٩٤ ، الحوادث الجامعة ١٥٣ ، المختار من تاريخ ابن الجزري ٢٤٠ وفيه فقط : «وغرق بغداد» ، دول الإسلام ٢ / ١٥٨ ، عيون التواريخ ٢٠ / ٨٦ ، ٨٧ وفيه فقط : «غرق بغداد» ، السلوك ج ١ ق ٢ / ٣٩٩ ، العسجد المسبوك ٢ / ٦١٥ ، ٦١٦ ، النجوم الزاهرة ٧ / ٣٥ ، شذرات الذهب ٥ / ٢٦٤ ، تحقيق النصرة للمراغي ٦٩ ، وبدائع الزهور ج ١ ق ١ / ٢٩٨.
(٢) ذيل مرآة الزمان ١ / ٨ ، عيون التواريخ ٢٠ / ٨٦ ، ٨٧.
(٣) الحوادث الجامعة ١٥٢.