فاستطرفه النّاس واشتهر بذلك.
ثمّ إنّه سار فلمّا قطع الرّمل ونزل قصر الصّالحيّة وقع من حينئذ التّصريح بموت أبيه. وكان مدّة كتمان موته ثلاثة أشهر. وكان يخطب له ثمّ بولاية العهد للمعظّم. ثمّ قدم إلى خدمته نائب سلطنة مصر حسام الدّين بن أبي عليّ الّذي كان أستاذ دار أبيه وأتابك جنده في حصن كيفا ، فخلع عليه خلعة تامّة وسيفا محلى وفرسا بسرج محلّى ، وثلاثة آلاف دينار.
قال ابن واصل : وكنت يومئذ مع حسام الدّين ، فذكرني للسّلطان ، فأتيت وقبّلت يده ، ثمّ حضرت أنا وجماعة من علماء المصريّين عنده ، فأقبل علينا.
وذكر ابن نباتة مشاكلة للخطيبين عماد الدّين وأصيل الدّين الإسعرديّ ، فلم ينطقا لخلوّهما من فضيلة ، فقلت : إنّ بعض النّاس ردّ عليه في قوله الحمد لله الّذي إن وعدني وفى وإن أوعد عفا : كأنّه نظر إلى قول الشّاعر :
لمخلف إيعادي |
|
ومنجز معدي |
وهذا مدح لآدميّ ، لكنّه لا يكون مدحا في حقّ الله إذا الحلف في كلامه محال عقلا.
فأقبل عليّ وقال : أليس الله يعفو بعد الوعيد؟
فقلت : يا خوند هذا حقّ ، لكنّه يكون وعيده مخلفا ، فإذا عفى عن شخص من المتواعدين علم أنّه ما أراده بذلك العموم ، أمّا إذا توعّد شخصا بعينه بعقوبة ، فلو لم يعاقبه لزم الخلف في خبره ، وهو محال.
فأعجبه ، وأخذ يحادثني في أشياء من علم الكلام وغيره من الأدب ، فتكلّم كلاما حسنا. ثمّ رجّح أبا تمّام على المتنبّي ، وأشار إلى حسام الدّين وقال : الأمير حسام الدّين يوافقني على ترجيحه.
ثمّ وصلنا إلى المنصورة لسبع بقين من ذي القعدة ، فنزل بقصر أبيه ، فلو أحسن إلى مماليك أبيه لوازروه ، ولكنّه اطّرحهم وجفاهم ففسدت أحواله ، وقدم