ضرب الشّمع بالسّيف ، فقال : هكذا أريد أن أفعل بغلمان أبي. ويتهدّد الأمراء بالقتل. فتشوّش قلوب الجميع ومقتته الأنفس ، وصادف ذلك بخلا.
قلت : لكنّه كان قويّ المشاركة في العلوم ، حسن المباحث ، ذكيّا.
قال أبو المظفّر الجوزيّ (١) : بلغني أنّه كان يكون على السّماط بدمشق ، فإذا سمع فقيها يقول مسألة قال : لا نسلّم. يصيح بها.
ومنها أنّه احتجب عن أمور النّاس ، وانهمك على الفساد مع الغلمان على ما قيل ، وما كان أبوه كذلك ، وقيل إنّه تعرّض لحظايا أبيه.
وكان يشرب ، ويجمع الشّموع ، ويضرب رءوسها بالسّيف ويقول : كذا أفعل بالبحريّة ، يعني مماليك أبيه.
ومنها أنّه قدّم الأراذل وأخّر خواصّ أبيه. وكان قد وعد الفارس أقطاي لمّا قدم إليه إلى حصن كيفا أن يؤمّره فما وفي له ، فغضب.
وكانت أمّ خليل زوجة والده قد ذهبت من المنصورة إلى القاهرة ، فجاء هو إلى المنصورة ، وأرسل يتهدّدها ويطالبها بالأموال ، فعاملت عليه.
فلمّا كان اليوم السّابع والعشرين من المحرّم من هذا العام ضربه بعض البحريّة وهو على السّماط ، فتلقّى الضّربة بيده ، فذهبت بعض أصابعه ، فقام ودخل البرج الخشب الّذي كان قد عمل هناك ، وصاح : من جرحني؟ فقالوا : بعض الحشيشيّة. فقال : لا والله إلّا البحريّة. والله لأفنينّهم. وخيّط المزيّن يده وهو يتهدّدهم ، فقالوا فيما بينهم : تمّموه (٢) وإلّا أبادنا. فدخلوا عليه ، فهرب إلى أعلى (٣) البرج ، فرموا النّار في البرج ورموا بالنّشّاب ، فرمى بنفسه ، وهرب إلى النّيل وهو يصيح : ما أريد ملكا ، دعوني أرجع إلى الحصن يا مسلمين ، أما فيكم من يصطنعني؟ فما أجابه أحد. وتعلّق بذيل الفارس أقطاي ، فما أجاره ،
__________________
(١) في مرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ٧٨١ ، ٧٨٢.
(٢) في سير أعلام النبلاء ٢٣ / ١٩٥ «بتّوه».
(٣) في الأصل : «أعلا».