وحدّث ببغداد ، ودمشق ، ومصر ، ومكّة. وقدم دمشق سنة اثنتين وثلاثين فأقام بها سنتين. وحجّ وراح إلى مصر فأقام بها. وجاور بمكّة أيضا.
وتوفّي بمصر.
قال التّقيّ عبيد وغيره : كان شيخا صالحا كثير التّهجّد والعبادة والتّلاوة ، صابرا على أهل الحديث.
وقال الشّريف عزّ الدّين : كان من عباد الله الصّالحين كثير التّلاوة ، مشتغلا بنفسه.
توفّي ليلة نصف ذي القعدة.
قلت : حمل عنه أئمّة وحفّاظ. وأنا عنه : عبد المؤمن بن خلف الحافظ ، والضّياء عيسى السّبتيّ ، والجلال عبد المنعم القاضي ، وأبو عليّ بن الخلّال ، وأبو الفضل الذّهبيّ ، وأبو العبّاس بن مؤمن ، ومحمد بن يوسف الحنبليّ ، وعيسى المعاري ، والقاضي تقيّ الدّين سليمان ، وأبو السّعود محمد بن عبد الكريم المنذريّ ، وزينب بنت القاضي محيي الدّين ، والجمال ابن مكرم الكاتب ، ومحمد بن المظفّر الفقيه ، وصبيح الصّوابيّ ، وبيبرس القيمريّ ، وشهاب بن عليّ ، وشرف الدّين أبو الحسن بن اليونينيّ ، وغيرهم.
وقد انفرد بدمشق عنه : بهاء الدّين القاسم بن عساكر بجملة عالية.
وآخر من روى عنه بالسّماع وبالإجازة يونس الدّبابيسيّ بالقاهرة (١).
__________________
(١) وقال ابن الصابوني : وكان من عباد الله الصالحين وأوليائه الورعين ، مشتغلا بنفسه ، مواظبا على تلاوة كتابه العزيز ودرسه ، أثر الصلاح عليه لائح ، وعرف القبول منه فائح. سكن دمشق مدّة سنين ، لا يعرفه أحد من العالمين إلى أن ظهرت له إجازة عالية من الشيوخ المسندين ، ووجد سماعه على جماعة من الأئمّة المتقدّمين ، فأخذ الناس عنه ، وسمعوا منه ، وتبرّكوا به. ثم سافر عنها قاصدا لبيت الله الحرام. وناويا لزيارة قبر نبيّه ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ فلما تمّ له ما قصده ونواه ، وتحقّق لديه ثوابه وعقباه ، عزم على الدخول إلى الديار المصرية لينشر بها السّنّة المحمّدية ، فأقبل أهلها بوجوههم إليه ، وفرحوا بأخذهم عنه وسماعهم عليه ، ولازموه ملازمة الغريم ، في النهار الواضح والليل البهيم ، إلى أن دنا أجله ... سمعت منه بحمد الله كثيرا بدمشق ومصر وتبرّكت به ، وانتفعت بصحبته».