موجودة في الأعيان. وإلا لزم قيام الصفة الموجودة ، بالموصوف المعدوم. وهو محال. فثبت : أن النسبة الخاصة لا وجود لها في الأعيان. وكنا قد بينا أن التماس والتلاقي من باب النسب والإضافات. فيلزم أن يقال : إن التماس والتلاقي من الأمور التي لا وجود لها في الأعيان. وإذا لم يكن لها وجود في الأعيان ، امتنع أن يكون اختلاف المماسات موجبا وقوع الكثرة في الأعيان. وعلى هذا التقدير ، فإنه لا يلزم أن يكون (١) الجزء الموجود في الأعيان منقسما.
السؤال الثالث : لو سلمنا أن التلاقي والتماس ، حاصل في الأعيان. وسلمنا أن ذلك يوجب أن يكون أحد وجهي الجزء ، مغايرا للوجه الثاني منه. لكن لم لا يجوز أن يقال: هذان الوجهان : عرضان قائمان بذلك الجزء. والتعدد إنما وقع في العرضين القائمين بذلك الجزء. فأما أن يقع التعدد في نفس ذلك الجزء في ذاته ، فهذا ممنوع؟ لا يقال : الأعراض يستحيل عليها الملاقاة والمماسة ، وذلك يوجب أن يكون الوجهان الحاصلان في الجزء المتوسط : جزءين منه. لأنا نقول : لا نسلم أن الأعراض يمتنع عليها الملاقاة والمماسة. وبيانه : وهو أن عندكم الأجسام إنما تتلاقى بالسطوح ، والسطوح إنما تتلاقى بالخطوط والخطوط إنما تتلاقى بالنقط. ثم [إن (٢)] مذهبكم : أن السطوح والخطوط والنقط أعراض. فثبت : أن المحكوم عليه بالتلاقي على مذهبكم ليس إلا الأعراض. وإذا ثبت هذا فنقول : دليلكم يقتضي أن يكون أحد جانبي الجوهر مغايرا للجانب الثاني منه. وعندكم : كثرة الجوانب لا معنى لها ، إلا كثرة الأعراض والصفات. فأما وقوع الكثرة في الذات. فكيف يلزم؟
والذي يؤكد ما ذكرناه : هو أن النقطة في المركز تسامت جملة النقط ، التي يمكن فرضها في الدائرة. بل هي مسامته لجميع النقط المفترضة في جسم العالم. والدليل عليه : أن «أقليدس» ذكر في مصادرات المقالة الأولى : «إن لنا أن نصل بين كل نقطتين خطا مستقيما» وهذا يدل على أن كل نقطة تفرض ،
__________________
(١) كون (ط ، س).
(٢) من (م).