القطع بانقسام ذلك الجزء المتوسط. فلو أثبتنا كون الجزء المتوسط منقسما ، يكون ذينك الجزءين قابلين للحركة. لزم الدور. وهو باطل.
الذي يقوى هذا السؤال. وجهان :
الأول : إن القائلين بإثبات الخلاء خارج العالم ، استدلوا عليه. وقالوا : الواقف على طرف العالم ، هل يمكنه مد اليد إلى الخارج أو لا يمكنه ذلك؟ فإن أمكنه ذلك ، فقد حصلت الأحياز الفارغة خارج العالم. وإن لم يمكنه ذلك ، فقد حصل خارج العالم جسم يمنع من ذلك. وإذا حصل الجسم خارج العالم ، فقد حصلت الأحياز خارج العالم. ثم إن الفلاسفة القائلين بنفي الخلاء خارج العالم ، أجابوا عنه. وقالوا : إنه يمتنع منه مد اليد [إلى خارج العالم. إلا أن ذلك الامتناع ليس لأن جسما حصل خارج العالم ، فمنع مد اليد (١)] إليه. ولكن لأجل أن مد اليد مشروط بحصول الأحياز. فإذا لم توجد الأحياز خارج العالم ، لا جرم امتنع مد اليد إلى خارج العالم. لا لأجل قيام المانع ، بل لأجل فوات الشرط.
إذا عرفت هذا فنقول : إذا عقلنا هذا الكلام. فلم لا يجوز أيضا أن يقال : إنه يمتنع حركة الجزءين الموضوعين على الطرفين معا ، لا لقيام المانع ، بل لفوات الشرط. وهو أن حركتها معا : مشروط بانقسام المسافة. فما لم يوحد هذا الشرط ، لا جرم فات الإمكان لفوات الشرط.
الوجه الثاني في بيان تقوية هذا السؤال : إن الفلاسفة اعتقدوا أنه لا بد وأن يحصل بين الحركة الصاعدة والهابطة للحجر : سكون. فإذا قيل لهم : لو قدرنا نزول جبل في غاية العظمة من الهواء ، واتفق أنا رمينا المدرة إلى فوق. فحال انتهاء حركتها الصاعدة. لو وصل ذلك الجبل النازل إلى تلك المدرة. فلو وجب سكون تلك المدرة في الهواء لوجب أن يكون سكونها مانعا لذلك الجبل العظيم من النزول. ثم إن الفلاسفة التزموا ذلك ، وقالوا : إن ثقل
__________________
(١) من (ط ، س).