عمامته ورقة مصرورة فيها رمل يرمّل به الفتاوى والإجازات ، فخطفت عمامته ليلا ، فقال لخاطفها : يا أخي خذ من العمامة الورقة بما فيها ، وردّ العمامة ، أغطّي رأسي ، وأنت في أوسع الحلّ ، فظنّ الخاطف أنّها فضّة ، ورآها ثقيلة فأخذها ، ورمى العمامة له. وكانت (١) صغيرة عتيقة.
قال (٢) : وكان الموفّق بعد موت أخيه هو الّذي يؤم بالجامع المظفّريّ ويخطب ، فإن لم يحضر فعبد الله ابن أخيه يؤم ويخطب. ويصلّي الموفّق بمحراب الحنابلة إذا كان في البلد ، وإلّا صلّى الشيخ العماد ، ثمّ كان بعد موت الشيخ العماد يصلّي فيه أبو سليمان ابن الحافظ عبد الغنيّ. وكان الموفّق إذا فرغ من صلاة العشاء ولآخرة يمضي إلى بيته بالرّصيف ، ويمضي معه من فقراء الحلقة من قدّرة الله ، فيقدّم لهم ما تيسّر ، يأكلونه معه.
وقال الضّياء : سمعت أختاي : زينب وآسية تقولان : لمّا جاء خالنا الموت هلّلنا ، فهلّل ، وجعل يستعجل في التّهليل ، حتّى توفّي ، رحمهالله.
قال : وسمعت الإمام أبا محمد إسماعيل بن حمّاد الكاتب يقول : رأيت ليلة عيد الفطر كأني عند المقصورة ، فرأيت كأنّ مصحف عثمان قد عرّج به ، وأنا قد لحقني من ذلك غمّ شديد ، وكأنّ الناس لا يكترثون لذلك ، فلمّا كان الغد ، قيل : مات الشيخ الموفّق.
وسمعت خالد بن عبد الله الحبشيّ يقول : إنّه رأى ليلة توفّي الشيخ الموفّق كأنّ القرآن قد رفع من المصاحف.
وسمعت الإمام عبد المحسن بن عبد الكريم المصريّ يقول : رأيت وقت مات الشيخ الموفّق في النّوم ، كأن قد رفعت قناديل الجامع كلّها.
وسمعت الشريف عبد الرحمن بن محمد العلويّ يقول : رأينا ليلة الأحد في قريتنا مردك ـ وهي في جبل بني هلال على دمشق ـ ضوءا عظيما جدّا حتّى أضاء
__________________
(١) في الأصل : «وكان» وهو سبق قلم من المؤلف.
(٢) أبو شامة في ذيل الروضتين ١٤٠.