كالمفوّضة والمجسّمة والمجبّرة مع أنّهم لا يقولون بالقول الثالث ممّا يعني ويؤيّد ما تقدّم من أنّ الأصحاب وإنْ نُسبَ إليهم القول الأوّل إلاّ أنّ الصحيح هو أنّهم يقولون بالقول الثاني وإلاّ فمن الصعب جدّاً الجمع بين القول الأوّل وبين الالتزام بطهارة هؤلاء وأمثالهم ممّن يصدق عليه أنّه منكر لما هو من ضروريّات الدين.
هذه هي عمدة أدلّة القول الثالث ، وقد تبيّن عدم تماميّتها ، بل يمكن أن يقال أنّه توجد في هذا القول ثغرات وإشكالات لا بدّ من حلّها والجواب عليها حتّى يُدّعى صحّة هذا القول ، يمكن أن نذكر منها :
أوّلاً : إنَّ هذا القول يستلزم إلغاء خصوصية عنوان الضروري بالمرّة إذ لا فرق حينئذ بينه وبين أي أمر آخر من أمور الدين في أنّ إنكاره مع العلم بكونه من الدين يستلزم إنكار الرسالة وتكذيب الرسول وبالتالي يوجب الكفر. إذاً فلماذا هذا الإصرار من قبل الفقهاء على ذكر هذا العنوان؟ ولماذا ذكروا منكر الضروري معطوفاً على من خرج عن الإسلام كما في عبارات المحقّق والعلاّمة وغيرهم مع أنّه على القول بالأمارية يدخل منكر الضروري في المعطوف عليه؟
هذا ويستفاد من كلمات المحقّق الأشتياني (١) إنّ الوجه في إفراد الضروري بالذكر في كلمات الفقهاء هو كونه طريقاً لإحراز علم المنكر بثبوته في الدين باعتبار التلازم العادي بين كون الشيء ضروريّاً وبين العلم
__________________
(١) بحر الفوائد ١ / ٢٨٤.