وهذا دليل على صحّة هذا القول وبطلان القول الأوّل.
وفيه :
إنّ ما يثبت بهذا الدليل هو بطلان القول الأوّل ، وأمّا بطلان القول الثاني فلا ، بل من يلتزم بهذا القول يلتزم أيضاً بعدم كفر المنكر للضروري في الحالات المذكورة من دون منافاة بينهما وذلك باعتبار عدم العلم بكونه ضروريّاً المفترض في هذه الحالات فإنّ حديث العهد بالإسلام وكذا بعيد الدار كما لا يعلم بثبوت ما أنكره في الدين ويجهل به جهلاً بسيطاً كذلك لا يعلم بكونه ضروريّاً عند عامّة المسلمين عادة ولأجل ذلك لا يحكم بكفره.
والحاصل :
إنّ الحكم بعدم كفر هؤلاء وإن كان مسلّماً ومتّفقاً عليه بينهم ظاهراً إلاّ أنّه ينسجم مع القول الثاني كما ينسجم مع الأمارية فلا يصحّ جعله دليلاً عليها.
نعم لو كان الأمر المتّفق عليه والمسلَّم به هو عدم الحكم بكفر منكر الضروري في صورة وجود الشبهة ـ الجهل المركّب ـ حتّى مع العلم بكونه ضروريّاً ، لصحّ ما ذكر من كونه دليلاً على بطلان القول الأوّل والثاني وعلى صحّة القول الثالث لأنّ مقتضى الالتزام بالقول الأوّل أو الثاني الحكم بالكفر في هذه الحالة لا عدم الكفر.
إلا أنّ الظاهر عدم كون ذلك أمراً متّفقاً عليه حيث ذهب جماعة من المحقّقين إلى الحكم بالكفر في هذه الحالة.