قدم منهم أمير بالغ في إكرامه ، فأخذوا يحرّضون العزيز على قصد دمشق (١).
وأقبل الأفضل مع هذا على الشّرب والأغاني ليله ونهاره ، وأشاع ندماؤه أنّ عمّه العادل حضر عنده ليلة ، وحسّن له ذلك واستحسن المجلس ، وقال : أيّ حاجة لك إلى التّكتّم ، ولا خير في اللّذّات من دونها ستر. فقبل وصيّة عمّه وتظاهر. ودبّر وزيره (٢) الأمور برأيه الفاسد.
ثمّ إنّ الأفضل أصبح يوما تائبا من غير سبب ، وأراق الخمور ، وأقبل على الزّهد ، ولبس الخشن وأكثر التّعبّد. وواظب على صيام أكثر الأوقات ، وشرع في نسخ مصحف ، وضرب أواني الشّرب دراهم ودنانير ، واتّخذ لنفسه مسجدا وجالس الفقراء (٣).
قال ابن واصل (٤) ، وغيره : ولكنّه كان قليل السّعادة ، ضعيف الآراء.
__________________
(١) مفرّج الكروب ٣ / ٣٨ ، ٣٩.
(٢) هو ضياء الدين بن الأثير صاحب كتاب «المثل السائر».
(٣) مفرّج الكروب ٣ / ٤٠ ، المختصر ٣ / ٧٩٠ ٩١ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ١١٠ ، البداية والنهاية ١٣ / ٩ ، السلوك ج ١ ق ١ / ١١٨ ، ١١٩ ، تاريخ ابن سباط ١ / ٢١٣ ، ٢١٤.
(٤) في مفرّج الكروب ٣ / ٣٨.