منهم من خلّص ، ومنهم من مات في الأسر (١).
[رواية ابن واصل]
وقال ابن واصل (٢) : جمع قطب الدّين صاحب قونية العساكر والتقاهم فكسروه كسرة عظيمة ، وهجموا قونية بالسّيف ، وقتلوا منها عالما عظيما. ووصل إلى السّلطان مناصحة من ملك الأرمن صاحب قلعة الروم : «كتاب المخلص الدّاعي الكاغيكوس (٣)» أنّ ملك الألمان خرج من دياره ، ودخل بلاد الهنكر ، ثمّ أرض مقدّم الروم ، فقهره وأخذ رهائنه وولده وأخاه في جماعة ، وأخذ منه أموالا عظيمة إلى الغاية.
وسار ملك الألمان حتّى أتى بلاد الأرمن ، فأمدّهم صاحبها بالأقوات وخضع لهم ، ثمّ ساروا نحو أنطاكية فنزل ملكهم يغتسل في نهر هناك ، فغرق في مكان منه لا يبلغ الماء وسط الرجل ، وكفى الله شرّه (٤).
وقيل : بل غرق في مخاضة ، أخذ فرسه التّيّار. وقيل : بل سبح فمرض أيّاما ومات (٥).
وسار في الملك بعده ولده ، وسار إلى أنطاكية فاختلف أصحابه عليه ، وأحبّ بعضهم العود إلى بلاده ، ومال بعضهم إلى تملّك أخ له فرجعوا ، فسار من ثبت معه فوصلوا إلى أنطاكية ، فكانوا نيّفا وأربعين ألفا ، فوقع فيهم الوباء وتبرّم بهم صاحب أنطاكية ، وحسّن لهم المسير إلى الفرنج الّذين على عكّا ، فساروا على جبلة واللّاذقيّة ، وتخطّف المسلمون منهم فبلغوا طرابلس ، وأقاموا بها أيّاما ، فكثر فيهم الموت ، ولم يبق منهم إلّا نحو ألف رجل ،
__________________
(١) الكامل ١٢ / ٤٨ ، ٤٩.
(٢) في مفرّج الكروب ٢ / ٣٢٠ ، وعنه نقل ابن الفرات في تاريخه.
(٣) هكذا في الأصل ، ومثله في النوادر السلطانية ١٢٤ ، وفي مفرّج الكروب «الكاغيلوس» باللام ، ومثله في تاريخ ابن الفرات ، مجلّد ٤ ج ١ / ٢١٦.
(٤) الكامل ١٢ / ٤٩ ، مشارع الأشواق ٢ / ٩٤١.
(٥) تاريخ ابن الفرات ٤ / ١ / ٢١٦.