العربيّة. وقصيدتاه في القراءات والرسم ممّا يدلّ على تبحّره. وقد سار بهما الركبان ، وخضع لهما فحول الشّعراء ، وحذّاق القرّاء ، وأعيان البلغاء. ولقد سهّل بهما الصّعب من تحصيل الفنّ ، وحفظهما خلق كثير.
وقد قرأتهما على أصحاب أصحابه.
وكان إماما قدوة ، زاهدا ، عابدا ، قانتا ، منقبضا ، مهيبا ، كبير الشّأن.
استوطن القاهرة ، وتصدّر للإقراء بالمدرسة الفاضليّة ، وانتفع به الخلق.
وكان يتوقّد ذكاء.
روى عنه : أبو الحسن بن خيرة ووصفه من قوّة الحفظ بأمر معجب.
وروى عنه أيضا : أبو عبد الله محمد بن يحيى الجنجاليّ ، وأبو بكر بن وضّاح ، وأبو الحسن عليّ بن هبة الله بن الجمّيزيّ ، وأبو محمد عبد الله بن عبد الوارث المعروف بابن فار اللّبن ، وهو آخر من روى عنه.
وقرأ عليه القراءات : أبو موسى عيسى بن يوسف بن إسماعيل المقدسيّ ، وأبو القاسم عبد الرحمن بن سعد الشّافعيّ ، وأبو الحسن عليّ بن محمد السّخاويّ ، وأبو عبد الله محمد بن عمر القرطبيّ ، والزّين أبو عبد الله محمد المقرئ الكرديّ ، والسّديد أبو القاسم عيسى بن مكّيّ العامريّ ، والكمال عليّ بن شجاع العبّاسيّ ، الضّرير ، وآخرون.
فحكى الإمام أبو شامة (١) أنّ أبا الحسن السّخاويّ أخبره أنّ سبب انتقال الشّاطبيّ من شاطبة إلى مصر ، أنّه أريد على أن يولّى الخطابة بشاطبة ، فاحتجّ بأنّه قد وجب عليه الحجّ ، وأنّه عازم عليه ، وتركها ولم يعد إليها تورّعا ، لما كانوا يلزمون به الخطباء من ذكرهم على المنابر بأوصاف لم يرها سائغة شرعا ، وصبر على فقر شديد.
وسمع بالثّغر (٢) من السّلفيّ ، ثمّ قدم القاهرة ، فطلبه القاضي الفاضل
__________________
(١) في ذيل الروضتين ٧.
(٢) أي بالإسكندرية.