وكان كثير العبادة والصّلاة ، دائم الذّكر ، قليل المأكل. وكان مجلسه كثير الخير ، مشتملا على التّفسير ، والحديث ، والفقه ، وحكايات الصّالحين من غير سجع ، ولا تزويق عبارة ولا شعر. وهو ثقة في روايته.
وقيل إنّه كان له في كلّ يوم ختمة مع دوام الصّوم. وقيل إنّه يفطر على قرص واحد (١).
وقال ابن الدّبيثيّ (٢) : أملى عدّة مجالس ، وكان مقبلا على الخير ، كثير الصّلاة ، له يد باسطة في النّظر ، واطّلاع على العلوم ، ومعرفة بالحديث. وكان جمّاعة للفنون ، رحمهالله.
رجع إلى بلده سنة ثمانين ، فأقام بها مشتغلا بالعبادة إلى أن توفّي في محرّم سنة تسعين.
وقال الحافظ عبد العظيم (٣) : حكى عنه غير واحد أنّه كان لا يزال لسانه رطبا من ذكر الله (٤).
توفّي في الثّالث والعشرين من المحرّم.
وأنبأني ابن البزوريّ أنّه أوّل من تكلّم بالوعظ بباب بدر الشّريف.
__________________
(١) وقال ابن الدمياطيّ نقلا عن ابن النجار : وكان كثير العبادة ، دائم الذكر ، كثير الصلاة والصيام والتهجّد والتقلّل من الطعام ، حتى ظهر ذلك على وجهه وغيّر لونه. وكان لا يفتر لسانه من التسبيح في جميع حركاته وسائر أحواله. (المستفاد ٤٧).
(٢) في تاريخه ، ورقة ١٦٣ ، والمختصر ١ / ١٧٥.
(٣) في التكملة ١ / ٢٠١.
(٤) قاله أيضا ابن نقطة في التقييد ١٣١.
وقال الرافعي القزويني : إمام كثير الخير والبركة ، نشأ في طاعة الله ، وحفظ القرآن وهو ابن سبع على ما بلغني ، وحصّل بالطلب الحثيث العلوم الشرعية ، حتى برع فيها رواية ودراية ، وتعليما وتذكيرا وتصنيفا ، وعظمت بركته وفائدته بين المسلمين ، وكان مديما للذكر وتلاوة القرآن في مجيئه وذهابه ، وقيامه وقعوده ، وعامّة أحواله.
سمعت غير واحد ممن حضر عنده ، بعد ما قضى نحبه ، ولقيه على المغتسل ، قبل أن ينقل إليه أن شفتيه كانت تتحرّكان كما كان يحرّكهما طول عمره ، بذكر الله تعالى ، وكان يقرأ عليه العلم وهو يصلّي ، ويقرأ القرآن ويصغي مع ذلك إلى القراءة ، وقد ينبّه القارئ على زلّته. (التدوين).