كان بطلا شجاعا له مواقف مشهودة في قتال الفرنج مع عمّه السّلطان صلاح الدّين ، وكان يحبّه ، وهو الّذي أعطاه حماه. وقد استنابه على مصر مدّة ، وأعطاه المعرّة ، وسلمية ، وكفرطاب ، وميّافارقين. ثمّ أعطاه في العام الماضي حرّان والرّها بعد ابن صاحب إربل ، فأذن له في السّفر إلى تلك البلاد ليقرّر قواعدها ، فسار إليها وإلى ميّافارقين في سبعمائة فارس ، وكان عالي الهمّة ، فقصد مدينة حاني فحاصرها وافتتحها ، فلمّا سمع الملك بكتمر صاحب خلاط سار لقتاله في أربعة آلاف فارس فالتقوا ، فلم يثبت عسكر خلاط وانهزموا ، فساق تقيّ الدّين وراءهم ، وأخذ قلعة لبكتمر ، ونازل خلاط وحاصرها ، فلم ينل غرضا لقلّة عسكره ، فرحل. ونازل منازكرد مدّة. وله أفعال برّ بمصر والفيّوم.
وسمع بالإسكندريّة من : السّلفيّ ، والفقيه إسماعيل بن عوف ، وروى شيئا من شعره.
توفّي على منازكرد محاصرا لها ، وهي من عمل أرمينيّة في طريق خلاط ، في تاسع عشر رمضان ، ونقل إلى حماه فدفن بها. وكان فيه عدل ، وكرم ، ورئاسة.
ثمّ فوّض السّلطان حماه ، والمعرّة ، وسلمية إلى ولده الملك المنصور ناصر الدّين محمد.
وكان تقيّ الدّين قد حدّث نفسه بتملّك الدّيار المصريّة ، فلم يتمّ له ، وعوفي عمّه صلاح الدّين ، وطلبه إلى الشّام ، فامتنع واستوحش ، وهمّ باللّحوق بمملوكيه قراقوش وبوزبا اللّذين استوليا على برقة وأطراف المغرب ، وتجهّز للمسير ، ثمّ سار إليه الفقيه عيسى الهكّاريّ الأمير ، وكان مهيبا مطاعا ، فثنى عزمه ، وأخرجه إلى الشّام ، فأحسن إليه عمّه السّلطان وأكرمه وداراه ، وأعطاه عدّة بلاد.
قال ابن واصل (١) : كان الملك المظفّر عمر شجاعا جوادا ، شديد
__________________
(١) في مفرّج الكروب ٢ / ٣٧٥.