الحرب وأنا ابن خمس عشرة سنة إلى أن بلغت مدى التّسعين ، وصرت من الخوالف ، خدين المنزل ، وعن الحروب بمعزل ، لا أعدّ لمهمّ ، ولا أدعى لدفاع ملمّ ، بعد ما كنت أوّل من تنثني عليه الخناصر ، وأكبر العدد لدفع الكبائر ، أوّل من يتقدّم السّنجقيّة عند حملة الأصحاب ، وآخر جاذب عند الجولة لحماية الأعقاب.
كم قد شهدت من الحروب فليتني |
|
في بعضها من قبل نكسي أقتل |
فالقتل أحسن بالفتى من قبل أن |
|
يفنى ويبليه الزّمان وأجمل |
وأبيك ما أحجمت عن خوض الرّدى |
|
في الحرب ، يشهد لي بذاك المنصل |
لكن قضاء الله أخّرني إلى |
|
أجلي الوقت لي فما ذا أفعل؟ |
ثمّ أخذ يعدّ ما حضره من الوقعات الكبار قال : فمن ذلك وقعة كان بيننا وبين الإسماعيليّة في قلعة شيزر لمّا وثبوا على الحصن في سنة سبع وخمسمائة (١) ، ووقعة كانت بين عسكر حماه وعسكر حمص في سنة خمس وعشرين وخمسمائة ، ومصافّ على تكريت بين أتابك زنكي بن آق سنقر ، وبين قراجا صاحب مرس في سنة ستّ وعشرين ، ومصافّ بين المسترشد بالله وبين
__________________
(١) هكذا في الأصل. ووقع في كتاب «لباب الآداب» لأسامة ص ١٩٠ «سنة سبع وعشرين وخمسمائة».
ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : إنّ كلا التاريخين غير صحيح استنادا إلى ما جاء في «الكامل في التاريخ» لابن الأثير ١٠ / ٤٧٢ ، وغيره من المؤرخين الذين ذكرت مصادرهم في حوادث تلك السنة من هذا الكتاب ، من أن حادثة استيلاء الإسماعيلية الباطنية على حصن شيزر كانت في فصح النصارى من سنة ٥٠٢ ه. والوهم في التاريخين (٥٢٧ ه.) و (٥٢٨ ه.) من أسامة نفسه ، خاصّة وأنه ذكر أن الشيخ أبا عبد الله محمد بن يوسف بن المنيّرة الكفرطابي كان بشيزر وقت الحادثة.
والمعروف أن ابن المنيّرة توفي سنة ٥٠٣ ه. (كما في : بغية الوعاة ١ / ١٢٤ ، وكشف الظنون ١ / ١٨٦ و ٢ / ١٥٨ و ٦١٢) فكيف يكون موجودا في سنة ٥٢٧ ه.؟
قال أسامة : في (لباب الآداب ١٩٠) : «كان بيننا وبين الإسماعيلية قتال في قلعة شيزر في سنة سبع وعشرين وخمسمائة ، لعملة عملوها علينا ، ملكوا بها حصن شيزر ، وجمّاستنا في ظاهر البلد ركاب ، والشيخ العالم أبو عبد الله محمد بن يوسف بن المنيّرة رحمهالله في دار والدي يعلّم إخوتي رحمهمالله ، فلما وقع الصياح في الحصن تراكضنا وصعدنا في الحبال ، والشيخ أبو عبد الله قد مضى إلى داره إلى الجامع ..».