قال ابن الدّبيثيّ (١) : عاش حتّى صار أوحد وقته وشيخ زمانه إسنادا وحفظا.
وقال أبو سعد السّمعانيّ : سمعت منه وكتب عنّي ، وهو ثقة صدوق.
قلت : وروى عنه : الحافظ محمد بن مكّيّ ، وعبد العظيم بن عبد اللّطيف الشّرابيّ ، والحسن بن أبي معشر الأصبهانيّ ، والنّاصح بن الحنبليّ ، وأبو نجيح محمد بن معاوية مقرئ أصبهان ، وخلق كثير.
وبالإجازة : الفقيه محمد اليونينيّ (٢) ، وعبد الله بن الخشوعيّ ، وآخرون.
وكانت رحلته إلى ابن الحصين سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
ثمّ قدم بغداد ثانيا في سنة اثنتين وأربعين ، وعاد إلى بلده وأقبل على التّصنيف والإملاء وتعليم العلم والأدب.
ومن مصنّفاته الكتاب المشهور في «تتمّة معرفة الصّحابة» الّذي ذيّل به على أبي نعيم (٣) ، يدلّ على تبحّره وحفظه ، وكتاب «الطّوالات» مجلّدان ، وكتاب «تتمّة الغريبين» يدلّ على براعته في اللّغة والغريب ، وكتاب «الوظائف» ، وكتاب «اللّطائف» ، وكتاب «عوالي التّابعين» ، وغير ذلك.
وعرض من حفظه كتاب «علوم الحديث» للحاكم على إسماعيل الحافظ.
قال الحافظ عبد القادر إنّ أبا موسى حصّل من المسموعات بأصبهان خاصّة ما لم يحصل لأحد في زمانه فيما أعلم ، وانضمّ إلى كثرة مسموعاته الحفظ والإتقان. وله التّصانيف الّتي أربى فيها على تصانيف بعض من تقدّمه ، مع الثّقة فيما يقول ، وتعفّفه الّذي لم نره لأحد من حفّاظ الحديث في زماننا له شيء سير يتربّح به وينفق منه ، ولا يقبل من أحد شيئا قطّ ، حتى إنّه كان
__________________
(١) في ذيل تاريخ بغداد ٢ / ١٠٠.
(٢) اليونيني : نسبة إلى بلدة يونين قرب بعلبكّ.
(٣) توجد نسخة مخطوطة من «معرفة الصحابة» لأبي نعيم ، في المكتبة الظاهرية ، رقم ٢٣٤٤ حديث.