قال : يدفنه المسلمون. وقال في رواية أبي الحارث في جارية نصرانية لرجل مسلم ، لها زوج نصراني ، فولدت عنده ، وماتت عند المسلم ، وبقي ولدها عنده ، ما يكون حكم هذا الصبي؟ قال : إذا كفله المسلمون فهو مسلم. وهذه الرواية إن لم يذكرها عامة الأصحاب ، وهي من جامع الخلال ، فهي أصح الأقوال في هذه المسألة دليلا ، وهي التي نختارها ، وبها تجتمع الأدلة ، فإنّ الطفل يتبع مالكه وسابيه ، فكذلك يتبع كافله وحاضنه ، فإنه لا يستقل بنفسه ، بل لا بدّ له ممن يتبعه ويكون معه ، فتبعيته لحاضنه وكافله أولى من جعله كافرا بكون أبويه كافرين ، وقد انقطعت تبعيته لهما ، بخلاف ما إذا كفله أهل دين الأبوين ، فإنهم يقومون مقامهما ، ولا أثر لفقد الأبوين إذا كفله جده أو جدته أو غيرهما من أقاربه ، فهذا القول أرجح في النظر ، والله أعلم. وليس المقصود ذكر هذه المسائل وما يصير به الطفل مسلما ، فإنا قد استوفيناها في كتابنا ، في أحكام أهل الملل ، بأدلتها واختلاف العلماء من السلف والخلف فيها ، وذكر مأخذهم ، وإنما المقصود ذكر الفطرة ، وأنها هي الحنيفية ، وأنها لا تنافي القدر السابق بالشقاوة ، والله أعلم.
فصل
قال أبو عمر ، وقال آخرون ، في معنى قول النبي صلىاللهعليهوسلم «كل مولود يولد على الفطرة» (١) لم يرد رسول الله صلىاللهعليهوسلم بذكر الفطرة هاهنا كفرا ولا إيمانا ، ولا معرفة ولا إنكارا ، وإنما أراد : أنّ كلّ مولود يولد على السلامة خلقة وطبعا
__________________
(١) سبق تخريجه.