تخليقه وكونه مضغة
، والذي قبله تقدير سابق على وجوده ، لكن بعد خلق السموات والأرض ، والذي قبله
تقدير سابق على خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكل واحد من هذه التقادير
كالتفصيل من التقدير السابق ، وفي ذلك دليل على كمال علم الرب وقدرته وحكمته ،
وزيادة تعريف لملائكته وعباده المؤمنين بنفسه وأسمائه ، وقد قال تعالى (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ (٢٩)) [الجاثية].
وأكثر المفسرين
على أن هذا الاستنساخ من اللوح المحفوظ ، فتستنسخ الملائكة ما يكون من أعمال بني
آدم قبل أن يعملوها ، فيجدون ذلك موافقا لما يعملونه ، فيثبت الله تعالى منه ما
فيه ثواب أو عقاب ، ويطرح منه اللغو.
وذكر ابن مردويه
في تفسيره ، من طرق إلى بقية ، عن أرطاة بن المنذر ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ،
يرفعه ، إنّ أول ما خلق الله القلم ، فأخذه بيمينه ، وكلتا يديه يمين ، فكتب
الدنيا وما يكون فيها من عمل معمول من برّ أو فجور ، رطب أو يابس ، فأحصاه عند
الذكر ، وقال اقرءوا إن شئتم (هذا كِتابُنا
يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ (٢٩)) [الجاثية] فهل
تكون النسخة إلا من شيء قد فرغ منه.
وقال آدم : حدثنا
ورقاء عن عطاء بن السائب ، عن مقسم ، عن ابن عباس : إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون
قال : تستنسخ الحفظة من أم الكتاب ما يعمل بنو آدم ، فإنما يعمل الإنسان على ما
استنسخ الملك من أم الكتاب.
وفي تفسير الأشجع
، عن سفيان ، عن منصور ، عن مقسم عن ابن عباس قال : كتب في الذكر عنده كلّ شيء هو
كائن ، ثم بعث الحفظة على آدم وذريته ، وكل ملائكته ينسخون من الذكر ما يعمل
العباد ثم قرأ (هذا كِتابُنا