شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٩)) [الانفطار] حتى إن الله سبحانه ليتعرف إلى عباده ذلك اليوم بأسماء وصفات ، لم يعرفوها في هذه الدار ، فهو يوم ظهور المملكة العظمى والأسماء الحسنى والصفات العلى.
فتأمّل ما أخبر به الله ورسوله من شأن ذلك اليوم وأحكامه ، وظهور عزته تعالى وعظمته وعدله وفضله ورحمته وآثار صفاته المقدسة التي لو خلقوا في دار البقاء ، لتعطّلت ، وكماله سبحانه ينفي ذلك ، وهذا دليل مستقل لمن عرف الله تعالى وأسماءه وصفاته ، على وقوع المعاد وصدق الرسل فيما أخبروا به عن الله عنه ، فيطابق دليل العقل ودليل السمع على وقوعه.
الوجه الحادي والثلاثون : أن الله سبحانه يحب أن يعبد بأنواع التعبّدات كلها ، ولا يليق ذلك إلا بعظمته وجلاله ، ولا يحسن ولا ينبغي إلّا له وحده.
ومن المعلوم أن أنواع التعبد الحاصلة في دار الابتلاء والامتحان ، لا يكون في دار المجازاة ، وإن كان في هذه الدار بعض المجازاة ، وكمالها وتمامها إنما هو في تلك الدار ، وليست دار عمل ، وإنما هي دار جزاء وثواب ، أوجب كماله المقدس أن يجزي فيها الذين أساءوا بما عملوا ، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ، فلم يكن بدّ من دار تقع فيها الإساءة والإحسان ، ويجري على أهلها أحكام الأسماء والصفات ، ثم يعقبها دارا يجازى فيها المحسن والمسيء ، ويجري على أهلها فيها أحكام الأسماء والصفات.
فتعطيل أسمائه وصفاته ممتنع ومستحيل ، وهو تعطيل لربوبيته وإلهيته وملكه وعزه وحكمته ، فمن فتح له باب من الفقه في أحكام الأسماء والصفات ، وعلم اختصاصها لآثارها ومتعلقاتها ، واستحالة تعطيلها ، علم أن الأمر كما أخبرت به الرسل ، وأنه لا يجوز عليه سبحانه ، ولا ينبغي له غيره ،