وقالوا ما يعلم فساده بصريح العقل.
ولو ذهبنا نذكر ما جحد فيه أكثر الطوائف الضروريات ، لطال الكتاب جدا.
وهؤلاء النصارى قد طبقت شرق الأرض وغربها ، وهم من أعظم الناس جحدا للضروريات.
وهؤلاء الفلاسفة هم أهل المعقولات ، وهم من أكثر الناس جحدا للضروريات.
فاتفاق طائفة من الطوائف على المقالة ، لا يدل على مخالفتها لصريح العقل ، وبالله التوفيق.
فصل
قال القدري : قال الله سبحانه : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ (٧٩)) [النساء] وعند الجبري أن الكلّ فعل الله ، وليس من العبد شيء.
قال الجبري : في الكلام استفهام مقدّر ، تقديره : أفمن نفسك؟ فهو إنكار لا إثبات ، وقرأها بعضهم : فمن نفسك بفتح الميم ، ورفع نفسك ، أي : من أنت حتى تفعلها؟! قال : ولا بدّ من تأويل الآية ، وإلا ناقض قوله في الآية التي قبلها : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ (٧٨)) [النساء] فأخبر أن الحسنات والسيئات جميعا من عنده ، لا من عند العبد.