كلام فيه إجمال وتلبيس ، فإن أردت بمنع الإضافة إليه منع قيامها به ووصفه بها وجريان أحكامها عليه واشتقاق الأسماء منه له ، فنعم! هي غير مضافة إليه بشيء من هذه الاعتبارات والوجوه ، وإن أردت بعدم إضافتها إليه عدم إضافتها إلى علمه بها وقدرته عليها ومشيئته العامة وخلقه ، فهذا باطل ، فإنها معلومة له سبحانه ، مقدورة له ، مخلوقة ، وإضافتها إليهم لا تمنع هذه الإضافة كالأموال ، فإنها مخلوقة له سبحانه ، وهي ملكه حقيقة ، قد أضافها إليهم ؛ فالأعمال والأموال خلقه وملكه ، وهو سبحانه يضيفها إلى عبيده ، وهو الذي جعلهم مالكيها وعامليها فصحت النسبتان.
وحصول الأموال بكسبهم وإرادتهم كحصول الأعمال ، وهو الذي خلق الأموال وكاسبيها والأعمال وعامليها ، فأموالهم وأعمالهم ملكه وبيده ، كما أنّ أسماعهم وأبصارهم وأنفسهم ملكه وبيده ، فهو الذي جعلهم يسمعون ويبصرون ويعملون ، فأعطاهم حاسة السمع والبصر ، وقوة السمع والبصر ، وفعل الأسماع والأبصار ، وأعطاهم آلة العمل وقوة العمل ونفس العمل ، فنسبة قوة العمل إلى اليد والكلام إلى اللسان ، كنسبة قوة السمع إلى الأذن ، والبصر إلى العين ، ونسبة الرؤية والاستماع اختيارا إلى محلهما ، كنسبة الكلام والبطش إلى محلّهما ، وإن كانوا هم الذين خلقوا لأنفسهم الرؤية والسمع ، فهل خلقوا محلهما ، وقوى المحل ، والأسباب الكثيرة التي تصلح معها الرؤية والسمع ، أم الكلّ خلق من هو خالق كل شيء؟ وهو الواحد القهار.
قال القدريّ : لو كان الله سبحانه هو الفاعل لأفعالهم ، لاشتقت له منها الأسماء ، وكان أولى بأسمائها منهم ، إذ لا يعقل الناس على اختلاف لغاتهم وعاداتهم ودياناتهم قائما إلا من فعل القيام ، وآكلا إلا من فعل الأكل ، وسارقا إلا من فعل السرقة ، وهكذا جميع الأفعال لازمها ومتعدّيها ، فقلبتم